تحديات ما بعد كورونا في الخليج: العقبات والفرص

دراسة منشورة في مجلة “اراء” العدد 150 يوينو 2020 الصفحة 18

الموقع الإلكتروني:  file:///C:/Users/Toshiba/Downloads/150.pdf

تحديات ما بعد كورونا في الخليج: العقبات والفرص

دول الخليج أمام تحولات حتمية في التركيبة السكانية والتعليم والصحة

د.محمد الرميحي – أستاذ علم الاجتماع السياسي – جامعة الكويت

    قراءة المستقبل عملية تحمل المغامرة  أكثر مما تحمل اليقين فهي خاضعة لعدد من المدخلات لو تغير أحدها لتغيرت النتائج، وكثير من التجارب التاريخية تنبئنا أن الكثير من التوقعات وحتى القريبة إلى العلمية لم يثبت صحتها، الإجابة على السؤال ماذا يحمل لنا عالم الغد؟ إجابة معقدة، وفي الغالب تحمل اجتهادات وتوقعات، بعضها يستند إلى تجارب تاريخية، وبعضها قراءة (احتمالية) تحاكي رغبة كاتبها وحصيلته المعرفية، حتى تلك المستندة على وقائع تاريخية سابقة لا يمكن الجزم بحدوثها لأن التاريخ لا يعيد نفسه! هناك الكثير من التوقعات تتناثر حولنا في كم من الكتابات، البعض يقول جازمًا أن (الأوبئة أكرهت البشر على الانقطاع عن الماضي) بالتالي فإن المستقبل سيكون مختلفًا، آخرون يتنبؤون بصعو الصين إلى قيادة العالم وتراجع الولايات المتحدة ويُسرفون في تقديم الشواهد!، والبعض يقول إن (أوروبا الاتحادية الحالية سوف تتفكك) بدليل موقف دولها المتردد في البداية من نكبة إيطاليا الصحية! وآخرون على الضفة الأخرى يرون بشكل شبه جازم أن البشرية لا تتعلم من أخطائها، ولو كانت تفعل لما دخلت حروبًا بعد حروب خسرت فيها أرواح أجيال ومازالت تفعل! قد تكون تلك التوقعات صحيحة وقد لا تكون، لا يستطيع عاقل اليوم أن يفتي بما سوف يأتي به الغد من تغيرات على وجه اليقين، لأن كثيرًا من التوقعات محملة بشحنة سياسية أو تمنيات إنسانية. الثابت أن القدرة على قراءة المستقبل تدخل في الغالب في إطار (التخرصات) علميًا، هناك شواهد على قصور القدرة الإنسانية في هذ المجال.

     الإشارة هنا إلى دروس يعود لها المراقبون حول تلك اللجنة الأمريكية العلمية رفيعة المستوى التي شكلها رئيس الولايات المتحدة فرانكلين روزفلت في وسط ثلاثينيات القرن الماضي للنظر في ما يحمله المستقبل من تقدم علمي، لم تستطع اللجنة العلمية أن تتنبأ بأن الطائرات يمكن أن تسير بسرعة أكبر مما كانت عليه وقتها، أو تتنبأ باختراع الرادار! الذي جاء بعد سنوات قليلة. الفن توفلر الكاتب ذائع الصيت الذي كان ينشر بكثافة عن المستقبل، في آخر كتبه (الموجة الثالثة) لم يستطع أن يتنبأ بظهور البريد الإلكتروني في العالم والذي جاء فقط بعد حوالي عشر سنوات من نشر ذلك الكتاب! منهجيًأ إن أردنا أن نعرف الخطوط العريضة لما يمكن أن يحدث في المستقبل علينا أن نقرأ الحاضر بمنهجية علمية وعقل مفتوح. لدينا عدد من المؤشرات الحادثة بالفعل نتيجة الجائحة والمؤثرة على دول الخليج وما تفرزه اليوم على الصعيد العالم يمكن أن تقدم لنا قراءة معقولة بشرط نفترض أن متخذ القرار في دول الخليج قد أدخل تلك العناوين في دائرة التفكير والتمحيص المستقبلي وقد توفرت له معطيات حقيقية ومنظمة عن الواقع.

  1. تأثير أسعار النفط:

    من الواضح الوضع الاقتصادي العالمي سوف يتأثر كثيرًا من جراء هذه الجائحة وبالتالي فإن أسعار النفط سوف تتراجع وتؤثر سلبًا على مسار التنمية في دول الخليج قاطبة، فهي في المجمل تعتمد على تصدير النفط والغاز للعالم، وقد حدثت (صدمة) كبرى للأسعار بعد أسابيع من الجائحة (كورونا) التي أصابت العالم. ذلك بسبب تدني الإنتاجية الصناعية بشكل عام في الدول المستهلكة للنفط والغاز، حتى إن حدثًا تاريخيًا غير مسبوق في تاريخ أسعار السلع إن اضطر البائع (النفطي) الأمريكي أن يدفع للمشتري!! وبالتالي تأثرت أسعار النفط والغاز في المنطقة سلبًا لأن العالم أو أغلبه قد أوقف سير السيارات في الطرق والطائرات في الجو والمصانع المختلفة المستهلكة للطاقة. لقد اتخذت دول الخليج عددًا من الخطوات السريعة لمواجهة ذلك من خلال الاستدانة الخارجية، دون تسييل الأصول التي تمتلكها من خلال الصناديق السيادية، على أساس أن احتمال ارتفاع أسعار النفط في المستقل سوف تكون قادرة على تسديد تلك الديون! كما قامت بتسريح بعض العمالة وخاصة غير المواطنة وأيضًا تخفيض مرتبات بعض القطاعات، كل ذلك على افتراض أنها خطوات (ضرورية ومؤقتة)، إلا أن احتمال أن تكون مؤقتة يحول حوله الشك! المؤكد أنه لن يرتفع الطلب على شراء النفط بسرعة معقولة، لسببين الأول الفائض النفطي الموجود في السوق وهو هائل، والثاني أن التعافي الاقتصادي في الدول المستهلكة سوف لن يعود بالسرعة المرجوة.

لذلك كله فإن الاحتمال أن تتصاعد الضغوط على قدرة الدولة الخليجية في تقديم الخدمات والتمويل والحفاظ على مستوى معقول من الانتعاش الاقتصادي الداخلي، مما قد يسبب أزمات اقتصادية وقد تتحول إلى اجتماعية وسياسية وعادة لا يحرك المؤشر الاجتماعي إلا إذا اجتمع الجهل والفقر والبطالة معًا. احتمال انخفاض أسعار النفط ليس توقع جديد، فقد كتب فيه الكثير من الدارسين في الخليج وفي غيرها من مؤسسات البحث، وكانت الافتراضات لا تخرج إما عن وجود بدائل للطاقة أو وجود مصادر كبيرة للإنتاج في أماكن أخرى من العالم، لم يدر بخلد أحد أن جائحة مرضية يمكن أن تهوي بأسعار الطاقة، فهو حدث لم يكن قد حسب حسابه في دوائر متخذًي القرار. النفط (بيعه وتسويقه) هو عصب الحياة في دول الخليج ولذلك فإن الركون على مقولة أن انخفاض الأسعار هو (شيء تعودنا عليه) كما كان يقال في السابق من الواجب مراجعته ووضع خطط تسريعية لفكرة (تنويع مصادر الدخل) في الدولة الخليجية التي تحدثت عنه كثيرًا في أدبياتها ولكن لم يفعل إلا بخطوات بطيئة وفي بعض الأوقات مترددة حتى الآن. ومن الواضح أن (المال) الخليجي وصرفه، لن يعود (شبه سائب) كما كان في السابق من حيث الهدر والإنفاق البذخي ومشاريع (الفيلة البيضاء) وأيضًا الفساد المستشري في الإدارة العامة، تلك أمور قد يتفاعل الجمهور الخليجي معها في المستقبل ويثير التساؤلات ويطالب بالمحاسبة، واجب الدولة التصدي لها بحزم منذ الآن بعد التطورات الأخيرة (أو يجب التصدي) لها من أجل أن يوضع الاقتصاد في الدولة على سكة التعافي يطمئن الناس نسبيًا إلى مستقبلهم وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

  • التركيبة السكانية

    من الواضح أن هرم التركيبة السكانية، والتي كان كثيرون يشتكون من الخلل فيه منذ زمن وكانوا يشيرون إلى أزمة محتملة بسبب الخلل السكاني، وقد تحقق أسوأ مما توقع كثيرون بسبب الجائحة، وثبت أنها بالفعل (قنبلة زمنية) لقد ظهر من الإحصاءات التي تمت بعد الوباء في كل دول الخليج إن نسبة كبيرة من الإصابات كانت في مجاميع اليد العاملة وخاصة تلك التي تعمل بأعمال هامشية، فهي تعيش في مناطق مكتظة غير صحية، كما إن ثقافتها العامة محدودة واتكالية، مما جعلها تشكل بؤر إصابات متصاعدة، أضف إلى ذلك أن عددًا من الدول المصدرة لهذه العمالة قد ترددت أو ماطلت في قبول ترحيل تلك العمالة إلى أوطانها مما شكل عبئًا إضافيًا أولاً على المنشآت الصحية المحلية في الخليج وثانيًا على وفرة المواد الغذائية والخدمات للجميع، من هنا فإن النظر إلى السياسات المتبعة في استقدام العمالة وأماكن تشغيلها ربما هي من أولويات الدولة الخليجية التي يجب أن يعاد النظر فيها ويخطط لها بحصافة بعد انقشاع الوباء أو هكذا يجب أن يكون عليه الأمر، وغني عن البيان أن وجود تلك العمالة الكثيفة كان جزئيًا بسبب (التنمية الانفجارية) إن صح التعبير التي تتبعها هذه الدول في البنية التحتية وإقامة المباني الضخمة ومجمعات التسوق والمدارس والمطارات وملاعب الرياضة المختلفة من جهة، ومن جهة أخرى الثقافة (الاستهلاكية) التي تعود عليها الفرد الخليجي وأيضًا التساهل الإداري الذي سمح لعدد كبير من العمالة الفائضة أن يذوب في المجتمع، السياسات الحكومية التي اتبعت في معظم بلدان الخليج من (تلزيم الخدمات المصاحبة) Out sourcing لبعض الخدمات الحكومية منها على سبيل المثال أعمال الحراسة في عدد من المنشآت والعاملين في التنظيف والفراشة في مؤسسات الدولة المختلفة كالوزارات والمستشفيات ومجمعات التسوق والمطارات ومواقف السيارات، عدى العمالة المنزلية الضخمة وهي موجودة تقريبًا في كل بيت خليجي من هنا فإن التفكير في خيارات أخرى للتعويض عن وجود هذه العمالة الكثيفة هو أيضًا من أولويات الدولة الخليجية في ما بعد تراجع الجائحة.

  • الخدمات الطبية

    على الرغم من وجود بنية طبية معقولة في دول الخليج إلا أن الجائحة كشفت أن تلك البنية تحتاج إلى الكثير من الإصلاح من حيث تدريب الكوادر ومن حيث توفر الأجهزة الطبية والفرق الفنية المساعدة، من جديد وجدنا أن نسبة كبيرة من تلك الكوادر هي من العمالة الوافدة في مجال الأطباء (بكثرة) وفي مجال الفرق الفنية (بأغلبية) مثل العاملين على الأجهزة الفنية والممرضين والممرضات، عدى عمال النظافة والحراسة والإدارة الدنيا في المؤسسات الطبية، فالخدمة الطبية بشكل عام لها علاقة أيضًا بنوع وسوية العمالة التي تجلب للعمل في هذا القطاع، وقد لجأت بعض دول الخليج للاستعانة بشكل سريع بعمالة طبية من كل التخصصات (أطباء وفنيين) من دول أخرى. إعادة زيارة للمؤسسات الصحية الخليجية هي من أولى أولويات العمل للدولة الخليجية من حيث الهيكلة والتدريب والتعليم ورفع كفاءته وتوطين معظم تخصصاته.

  • التعليم:

     إننا نخاف فقط ما نجهله، ولا يوجد ما يخيفنا على الإطلاق بعد أن نفهمه تلك حكمة أظهرت الجائحة بشكل عام أهميتها ونحن نفهم ما حولنا بالتعليم فإن التعليم في الخليج رغم الميزانيات الضخمة التي صرفت له على مدار عقود، أنتج متعلمين في الغالب من حيث (الكم) لا الكيف، مع الاعتراف بأن هناك شريحة من ناتج التعليم وخاصة تلك التي وجدت لها فرص إكمال التعليم أو التدريب في الجامعات والمعاهد المتقدمة قد أجادت في أعمالها، إلا أن النظرة إلى التعليم توجب أن تكون (مشروع وطني) يهتم به على أعلى المستويات، حيث تخلل ذلك التعليم نوع من التعليم التراثي والذي أظهرت الجائحة أن من حصل عليه قد خلط (الخرفة) مع الأسق بمقولات دينية في الغالب ضللت الجمهور العام والذي لديه قابلية للتصديق بسبب (نقص المناعة المعرفية) لهذا فإن من الأولوية نقل التعليم التراثي من (اللاعقلانية) الذي هو فيها إلى (عقلانية حديثة) مستنيرة، وهذا دليل على أن مجتمعات الخليج تحتاج إلى إعادة نظر جادة وفورية لمناهج التعليم التقليدي وتعريض طلابه إلى المنهج العلمي والتفكير النقدي والعقلي. لقد ظهرت حاجة ملحة للخطو نحو (التعليم عن بعد) والتي هي مفتاح أساس لتطوير التعليم. تلك القضايا الأربع المركزية التي أرى أنها يتوجب النظر إلى مكوناتها ووضع الخطط المستقبلية تجاهها.

خارطة الطريق إلى الأمام: عزم ورؤية:

  تحتاج دول الخليج إلى خارطة طريق لمواجهة المتغيرات التي سوف تحدث بعد جائحة كورونا أجملها في الخطوات الثلاث الأساسية التالية:

  1. تعديل التركيبة السكانية، من نافلة القول أن أي مجتمع في المعمورة لا يمكن أن يستغني عن يد عاملة أجنبية تلك حقيقة اقتصادية لا جدال فيها، السؤال أي نوع من العمالة وكيفية الاستفادة منها لتوطين العمل (خاصة الفني) وكيفية استجلابها وما هي الأعمال التي يتوجب أن تقوم بها، وكيف نقلص اليد العاملة الهامشية؟ كما كيف نغير (ثقافة العمل) في مجتمعاتنا، وهي بالضرورة سوف تتغير، فأداء العمل وأساليبه سوف تتغير وبالتالي الحصول على هيكل سكاني متوازن وأيضًا الاعتماد على مشاركة أكبر للمرأة الخليجية في الاقتصاد، من أولويات الواجب التفكير فيها.
  • تطوير التعليم: أظهرت الأزمة احتياج دول الخليج كرة (التعليم الإلكتروني) وهي اليوم تعاني من نقص تشريعي في هذا المجال وأيضًا تدريبي وربما أيضًا ضعف في قناعة القائمين على العملية التعليمية لأهمية هذا التعليم، فمن أهم تلك المتغيرات التي أمامنا في هذا المجال تغييرين أولهما: أن العالم لم يعد قادرًا على تكميم الأفواه مهما كانت السلطات التي تحكمه. فالكل قادر على التواصل بين الأفراد والجماعات بطريقة أو بالأخرى، وقد سهل ذلك التواصل تطور الثورة الكبرى في عالم الانترنت فيما يعرف اليوم بالفضاء العالمي المفتوح. ذلك يحمل مخاطر ضخمة وغير محددة النتائج على المجتمعات، لأن أي من الفاعلين (الأفراد أو الجماعات أو الدول) تستطيع أن تشيع أفكارها وأيديولوجيتها وتمرر مصالحها وتجند موالين لها وتغير موقف الرأي العام متى ما أرادت، ولأي جمهور يمكن أن تستهدفه؟ نحن اليوم في (الأزمنة السائلة).

وأما التغير الثاني فإن العالم يتوجه إلى استخدام التقنية في التعليم والتدريب والاقتصاد والإدارة، فمكتبة المستقبل في العالم الافتراضي بلا جدران. ما العمل أمام هذا التغير المؤثر على السلوك والاجتماع الإنساني؟ واضح أن الحل هو بناء قدرات لدى الفرد والمجتمع تكون قادرة على إيجاد آلية تعضد من القدرة على مناعة الفرد والجماعة للتفريق بين الصالح والطالح، أي خلق (المناعة المعرفية) من خلال التعليم، لن يتحقق ذلك إلا من خلال أنظمة تعليمية تتميز بالجودة والقدرة على جعل الفرد متمكن من التحليل العقلي مما يمنع الفرد أو الجماعة من الوقوع في حبائل تلك الأيديولوجيات أو الدعايات أو الترويجات، وتقدم للجيل القادم طريقة منهجية تجعله متسائلاً ومقيمًا لما يرده من أفكار أو معلومات أو إغراءات. من هنا يتوجب أن يتوفر للتعليم مسارًا مستمرًا ومتكامًلا ومفتوحًا على حياة متغيرة بشكل دائم وسريع، وتمكين الجيل من الولوج بسلاسة إلى ما يعرف اليوم بالاقتصاد الرقمي، على الدولة الخليجية أن تعترف أن التعليم التقليدي الذي ساد حتى الآن لم يعد مناسبًا للمجتمعات في الوقت الحالي. يتحول التعليم إلى ما يعرف اليوم (افعلها بنفسك) أو (DIY) do it yourself أو التعليم الذاتي المعتمد على الدورات القصيرة والمعتمدة بدورها على الانترنت التي تزداد سرعة ورخصًا في نفس الوقت. لذلك من أولويات العمل المستقبلي إعادة النظر في التعليم منهجًا وطرقًا وأهدافًا كذلك التوجه إلى الاستثمار الكثيف في قطاع التقنية وتحويل الكثير من الخدمات عن بعد يساعد في نمو واستقرار الاقتصاد.

  • التعاون الخليجي: على الرغم من بعض الأفكار القائلة أن الدولة بعد الجائحة سوف تذهب إلى العزلة، لا أعتقد ان ذلك سوف يتم، على العكس سوف تزداد الحاجة إلى التعاون الدولي والإقليمي، ولا أفضل من العودة من جديد إلى التعاون الخليجي لأسباب مصلحية لكل أفراد المجتمع الخليجي قاطبة فالعالم سوف يدخل في مفاوضات عسيرة (بعد الجائحة) من أجل تنظيم المؤسسات الدولية والعلاقات الدولية قد تؤدي إلى منافسة قاسية. فمجلس التعاون في حال التعاون الجاد بين مكوناته يستطيع أن يتفاوض جماعيًا في المستقبل في شؤون (الطاقة والغذاء وتنظيم المؤسسات الدولية) كما يستطيع أن يشكل سوقًا بينها كبيرة نسبيًا، عدى الفائدة الاستراتيجية في تنظيم مشترك للخدمات الصحية والمالية والاقتصادية، وتشكيل جهاز مستحق لجمع المعلومات الحيوية وتنسيقها والتي دونها لا يستطيع أي مخطط أن يتخذ القرار على الوجه الصحيح، فسوف يقوم العالم بـ (إعادة هيكلة) للنظام العالمي يكون فيه القادر على المنافسة أكثر تأثيرًا، وبإجماع الدول الخليجية تزداد القدرة التنافسية. سوف يزداد الاعتماد على (الاقتصاد الافتراضي) والأتمتة وزيادة الثقة في التقنية، كلها تحتاج إلى جهود تنسيقية بين دول الخليج.

الخلاصة

دراسة منشورة في مجلة “اراء” العدد 150 يوينو 2020 الصفحة 18

الموقع الإلكتروني:  file:///C:/Users/Toshiba/Downloads/150.pdf

تحديات ما بعد كورونا في الخليج: العقبات والفرص

دول الخليج أمام تحولات حتمية في التركيبة السكانية والتعليم والصحة

د.محمد الرميحي – أستاذ علم الاجتماع السياسي – جامعة الكويت

    قراءة المستقبل عملية تحمل المغامرة  أكثر مما تحمل اليقين فهي خاضعة لعدد من المدخلات لو تغير أحدها لتغيرت النتائج، وكثير من التجارب التاريخية تنبئنا أن الكثير من التوقعات وحتى القريبة إلى العلمية لم يثبت صحتها، الإجابة على السؤال ماذا يحمل لنا عالم الغد؟ إجابة معقدة، وفي الغالب تحمل اجتهادات وتوقعات، بعضها يستند إلى تجارب تاريخية، وبعضها قراءة (احتمالية) تحاكي رغبة كاتبها وحصيلته المعرفية، حتى تلك المستندة على وقائع تاريخية سابقة لا يمكن الجزم بحدوثها لأن التاريخ لا يعيد نفسه! هناك الكثير من التوقعات تتناثر حولنا في كم من الكتابات، البعض يقول جازمًا أن (الأوبئة أكرهت البشر على الانقطاع عن الماضي) بالتالي فإن المستقبل سيكون مختلفًا، آخرون يتنبؤون بصعو الصين إلى قيادة العالم وتراجع الولايات المتحدة ويُسرفون في تقديم الشواهد!، والبعض يقول إن (أوروبا الاتحادية الحالية سوف تتفكك) بدليل موقف دولها المتردد في البداية من نكبة إيطاليا الصحية! وآخرون على الضفة الأخرى يرون بشكل شبه جازم أن البشرية لا تتعلم من أخطائها، ولو كانت تفعل لما دخلت حروبًا بعد حروب خسرت فيها أرواح أجيال ومازالت تفعل! قد تكون تلك التوقعات صحيحة وقد لا تكون، لا يستطيع عاقل اليوم أن يفتي بما سوف يأتي به الغد من تغيرات على وجه اليقين، لأن كثيرًا من التوقعات محملة بشحنة سياسية أو تمنيات إنسانية. الثابت أن القدرة على قراءة المستقبل تدخل في الغالب في إطار (التخرصات) علميًا، هناك شواهد على قصور القدرة الإنسانية في هذ المجال.

     الإشارة هنا إلى دروس يعود لها المراقبون حول تلك اللجنة الأمريكية العلمية رفيعة المستوى التي شكلها رئيس الولايات المتحدة فرانكلين روزفلت في وسط ثلاثينيات القرن الماضي للنظر في ما يحمله المستقبل من تقدم علمي، لم تستطع اللجنة العلمية أن تتنبأ بأن الطائرات يمكن أن تسير بسرعة أكبر مما كانت عليه وقتها، أو تتنبأ باختراع الرادار! الذي جاء بعد سنوات قليلة. الفن توفلر الكاتب ذائع الصيت الذي كان ينشر بكثافة عن المستقبل، في آخر كتبه (الموجة الثالثة) لم يستطع أن يتنبأ بظهور البريد الإلكتروني في العالم والذي جاء فقط بعد حوالي عشر سنوات من نشر ذلك الكتاب! منهجيًأ إن أردنا أن نعرف الخطوط العريضة لما يمكن أن يحدث في المستقبل علينا أن نقرأ الحاضر بمنهجية علمية وعقل مفتوح. لدينا عدد من المؤشرات الحادثة بالفعل نتيجة الجائحة والمؤثرة على دول الخليج وما تفرزه اليوم على الصعيد العالم يمكن أن تقدم لنا قراءة معقولة بشرط نفترض أن متخذ القرار في دول الخليج قد أدخل تلك العناوين في دائرة التفكير والتمحيص المستقبلي وقد توفرت له معطيات حقيقية ومنظمة عن الواقع.

  1. تأثير أسعار النفط:

    من الواضح الوضع الاقتصادي العالمي سوف يتأثر كثيرًا من جراء هذه الجائحة وبالتالي فإن أسعار النفط سوف تتراجع وتؤثر سلبًا على مسار التنمية في دول الخليج قاطبة، فهي في المجمل تعتمد على تصدير النفط والغاز للعالم، وقد حدثت (صدمة) كبرى للأسعار بعد أسابيع من الجائحة (كورونا) التي أصابت العالم. ذلك بسبب تدني الإنتاجية الصناعية بشكل عام في الدول المستهلكة للنفط والغاز، حتى إن حدثًا تاريخيًا غير مسبوق في تاريخ أسعار السلع إن اضطر البائع (النفطي) الأمريكي أن يدفع للمشتري!! وبالتالي تأثرت أسعار النفط والغاز في المنطقة سلبًا لأن العالم أو أغلبه قد أوقف سير السيارات في الطرق والطائرات في الجو والمصانع المختلفة المستهلكة للطاقة. لقد اتخذت دول الخليج عددًا من الخطوات السريعة لمواجهة ذلك من خلال الاستدانة الخارجية، دون تسييل الأصول التي تمتلكها من خلال الصناديق السيادية، على أساس أن احتمال ارتفاع أسعار النفط في المستقل سوف تكون قادرة على تسديد تلك الديون! كما قامت بتسريح بعض العمالة وخاصة غير المواطنة وأيضًا تخفيض مرتبات بعض القطاعات، كل ذلك على افتراض أنها خطوات (ضرورية ومؤقتة)، إلا أن احتمال أن تكون مؤقتة يحول حوله الشك! المؤكد أنه لن يرتفع الطلب على شراء النفط بسرعة معقولة، لسببين الأول الفائض النفطي الموجود في السوق وهو هائل، والثاني أن التعافي الاقتصادي في الدول المستهلكة سوف لن يعود بالسرعة المرجوة.

لذلك كله فإن الاحتمال أن تتصاعد الضغوط على قدرة الدولة الخليجية في تقديم الخدمات والتمويل والحفاظ على مستوى معقول من الانتعاش الاقتصادي الداخلي، مما قد يسبب أزمات اقتصادية وقد تتحول إلى اجتماعية وسياسية وعادة لا يحرك المؤشر الاجتماعي إلا إذا اجتمع الجهل والفقر والبطالة معًا. احتمال انخفاض أسعار النفط ليس توقع جديد، فقد كتب فيه الكثير من الدارسين في الخليج وفي غيرها من مؤسسات البحث، وكانت الافتراضات لا تخرج إما عن وجود بدائل للطاقة أو وجود مصادر كبيرة للإنتاج في أماكن أخرى من العالم، لم يدر بخلد أحد أن جائحة مرضية يمكن أن تهوي بأسعار الطاقة، فهو حدث لم يكن قد حسب حسابه في دوائر متخذًي القرار. النفط (بيعه وتسويقه) هو عصب الحياة في دول الخليج ولذلك فإن الركون على مقولة أن انخفاض الأسعار هو (شيء تعودنا عليه) كما كان يقال في السابق من الواجب مراجعته ووضع خطط تسريعية لفكرة (تنويع مصادر الدخل) في الدولة الخليجية التي تحدثت عنه كثيرًا في أدبياتها ولكن لم يفعل إلا بخطوات بطيئة وفي بعض الأوقات مترددة حتى الآن. ومن الواضح أن (المال) الخليجي وصرفه، لن يعود (شبه سائب) كما كان في السابق من حيث الهدر والإنفاق البذخي ومشاريع (الفيلة البيضاء) وأيضًا الفساد المستشري في الإدارة العامة، تلك أمور قد يتفاعل الجمهور الخليجي معها في المستقبل ويثير التساؤلات ويطالب بالمحاسبة، واجب الدولة التصدي لها بحزم منذ الآن بعد التطورات الأخيرة (أو يجب التصدي) لها من أجل أن يوضع الاقتصاد في الدولة على سكة التعافي يطمئن الناس نسبيًا إلى مستقبلهم وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

  • التركيبة السكانية

    من الواضح أن هرم التركيبة السكانية، والتي كان كثيرون يشتكون من الخلل فيه منذ زمن وكانوا يشيرون إلى أزمة محتملة بسبب الخلل السكاني، وقد تحقق أسوأ مما توقع كثيرون بسبب الجائحة، وثبت أنها بالفعل (قنبلة زمنية) لقد ظهر من الإحصاءات التي تمت بعد الوباء في كل دول الخليج إن نسبة كبيرة من الإصابات كانت في مجاميع اليد العاملة وخاصة تلك التي تعمل بأعمال هامشية، فهي تعيش في مناطق مكتظة غير صحية، كما إن ثقافتها العامة محدودة واتكالية، مما جعلها تشكل بؤر إصابات متصاعدة، أضف إلى ذلك أن عددًا من الدول المصدرة لهذه العمالة قد ترددت أو ماطلت في قبول ترحيل تلك العمالة إلى أوطانها مما شكل عبئًا إضافيًا أولاً على المنشآت الصحية المحلية في الخليج وثانيًا على وفرة المواد الغذائية والخدمات للجميع، من هنا فإن النظر إلى السياسات المتبعة في استقدام العمالة وأماكن تشغيلها ربما هي من أولويات الدولة الخليجية التي يجب أن يعاد النظر فيها ويخطط لها بحصافة بعد انقشاع الوباء أو هكذا يجب أن يكون عليه الأمر، وغني عن البيان أن وجود تلك العمالة الكثيفة كان جزئيًا بسبب (التنمية الانفجارية) إن صح التعبير التي تتبعها هذه الدول في البنية التحتية وإقامة المباني الضخمة ومجمعات التسوق والمدارس والمطارات وملاعب الرياضة المختلفة من جهة، ومن جهة أخرى الثقافة (الاستهلاكية) التي تعود عليها الفرد الخليجي وأيضًا التساهل الإداري الذي سمح لعدد كبير من العمالة الفائضة أن يذوب في المجتمع، السياسات الحكومية التي اتبعت في معظم بلدان الخليج من (تلزيم الخدمات المصاحبة) Out sourcing لبعض الخدمات الحكومية منها على سبيل المثال أعمال الحراسة في عدد من المنشآت والعاملين في التنظيف والفراشة في مؤسسات الدولة المختلفة كالوزارات والمستشفيات ومجمعات التسوق والمطارات ومواقف السيارات، عدى العمالة المنزلية الضخمة وهي موجودة تقريبًا في كل بيت خليجي من هنا فإن التفكير في خيارات أخرى للتعويض عن وجود هذه العمالة الكثيفة هو أيضًا من أولويات الدولة الخليجية في ما بعد تراجع الجائحة.

  • الخدمات الطبية

    على الرغم من وجود بنية طبية معقولة في دول الخليج إلا أن الجائحة كشفت أن تلك البنية تحتاج إلى الكثير من الإصلاح من حيث تدريب الكوادر ومن حيث توفر الأجهزة الطبية والفرق الفنية المساعدة، من جديد وجدنا أن نسبة كبيرة من تلك الكوادر هي من العمالة الوافدة في مجال الأطباء (بكثرة) وفي مجال الفرق الفنية (بأغلبية) مثل العاملين على الأجهزة الفنية والممرضين والممرضات، عدى عمال النظافة والحراسة والإدارة الدنيا في المؤسسات الطبية، فالخدمة الطبية بشكل عام لها علاقة أيضًا بنوع وسوية العمالة التي تجلب للعمل في هذا القطاع، وقد لجأت بعض دول الخليج للاستعانة بشكل سريع بعمالة طبية من كل التخصصات (أطباء وفنيين) من دول أخرى. إعادة زيارة للمؤسسات الصحية الخليجية هي من أولى أولويات العمل للدولة الخليجية من حيث الهيكلة والتدريب والتعليم ورفع كفاءته وتوطين معظم تخصصاته.

  • التعليم:

     إننا نخاف فقط ما نجهله، ولا يوجد ما يخيفنا على الإطلاق بعد أن نفهمه تلك حكمة أظهرت الجائحة بشكل عام أهميتها ونحن نفهم ما حولنا بالتعليم فإن التعليم في الخليج رغم الميزانيات الضخمة التي صرفت له على مدار عقود، أنتج متعلمين في الغالب من حيث (الكم) لا الكيف، مع الاعتراف بأن هناك شريحة من ناتج التعليم وخاصة تلك التي وجدت لها فرص إكمال التعليم أو التدريب في الجامعات والمعاهد المتقدمة قد أجادت في أعمالها، إلا أن النظرة إلى التعليم توجب أن تكون (مشروع وطني) يهتم به على أعلى المستويات، حيث تخلل ذلك التعليم نوع من التعليم التراثي والذي أظهرت الجائحة أن من حصل عليه قد خلط (الخرفة) مع الأسق بمقولات دينية في الغالب ضللت الجمهور العام والذي لديه قابلية للتصديق بسبب (نقص المناعة المعرفية) لهذا فإن من الأولوية نقل التعليم التراثي من (اللاعقلانية) الذي هو فيها إلى (عقلانية حديثة) مستنيرة، وهذا دليل على أن مجتمعات الخليج تحتاج إلى إعادة نظر جادة وفورية لمناهج التعليم التقليدي وتعريض طلابه إلى المنهج العلمي والتفكير النقدي والعقلي. لقد ظهرت حاجة ملحة للخطو نحو (التعليم عن بعد) والتي هي مفتاح أساس لتطوير التعليم. تلك القضايا الأربع المركزية التي أرى أنها يتوجب النظر إلى مكوناتها ووضع الخطط المستقبلية تجاهها.

خارطة الطريق إلى الأمام: عزم ورؤية:

  تحتاج دول الخليج إلى خارطة طريق لمواجهة المتغيرات التي سوف تحدث بعد جائحة كورونا أجملها في الخطوات الثلاث الأساسية التالية:

  1. تعديل التركيبة السكانية، من نافلة القول أن أي مجتمع في المعمورة لا يمكن أن يستغني عن يد عاملة أجنبية تلك حقيقة اقتصادية لا جدال فيها، السؤال أي نوع من العمالة وكيفية الاستفادة منها لتوطين العمل (خاصة الفني) وكيفية استجلابها وما هي الأعمال التي يتوجب أن تقوم بها، وكيف نقلص اليد العاملة الهامشية؟ كما كيف نغير (ثقافة العمل) في مجتمعاتنا، وهي بالضرورة سوف تتغير، فأداء العمل وأساليبه سوف تتغير وبالتالي الحصول على هيكل سكاني متوازن وأيضًا الاعتماد على مشاركة أكبر للمرأة الخليجية في الاقتصاد، من أولويات الواجب التفكير فيها.
  • تطوير التعليم: أظهرت الأزمة احتياج دول الخليج كرة (التعليم الإلكتروني) وهي اليوم تعاني من نقص تشريعي في هذا المجال وأيضًا تدريبي وربما أيضًا ضعف في قناعة القائمين على العملية التعليمية لأهمية هذا التعليم، فمن أهم تلك المتغيرات التي أمامنا في هذا المجال تغييرين أولهما: أن العالم لم يعد قادرًا على تكميم الأفواه مهما كانت السلطات التي تحكمه. فالكل قادر على التواصل بين الأفراد والجماعات بطريقة أو بالأخرى، وقد سهل ذلك التواصل تطور الثورة الكبرى في عالم الانترنت فيما يعرف اليوم بالفضاء العالمي المفتوح. ذلك يحمل مخاطر ضخمة وغير محددة النتائج على المجتمعات، لأن أي من الفاعلين (الأفراد أو الجماعات أو الدول) تستطيع أن تشيع أفكارها وأيديولوجيتها وتمرر مصالحها وتجند موالين لها وتغير موقف الرأي العام متى ما أرادت، ولأي جمهور يمكن أن تستهدفه؟ نحن اليوم في (الأزمنة السائلة).

وأما التغير الثاني فإن العالم يتوجه إلى استخدام التقنية في التعليم والتدريب والاقتصاد والإدارة، فمكتبة المستقبل في العالم الافتراضي بلا جدران. ما العمل أمام هذا التغير المؤثر على السلوك والاجتماع الإنساني؟ واضح أن الحل هو بناء قدرات لدى الفرد والمجتمع تكون قادرة على إيجاد آلية تعضد من القدرة على مناعة الفرد والجماعة للتفريق بين الصالح والطالح، أي خلق (المناعة المعرفية) من خلال التعليم، لن يتحقق ذلك إلا من خلال أنظمة تعليمية تتميز بالجودة والقدرة على جعل الفرد متمكن من التحليل العقلي مما يمنع الفرد أو الجماعة من الوقوع في حبائل تلك الأيديولوجيات أو الدعايات أو الترويجات، وتقدم للجيل القادم طريقة منهجية تجعله متسائلاً ومقيمًا لما يرده من أفكار أو معلومات أو إغراءات. من هنا يتوجب أن يتوفر للتعليم مسارًا مستمرًا ومتكامًلا ومفتوحًا على حياة متغيرة بشكل دائم وسريع، وتمكين الجيل من الولوج بسلاسة إلى ما يعرف اليوم بالاقتصاد الرقمي، على الدولة الخليجية أن تعترف أن التعليم التقليدي الذي ساد حتى الآن لم يعد مناسبًا للمجتمعات في الوقت الحالي. يتحول التعليم إلى ما يعرف اليوم (افعلها بنفسك) أو (DIY) do it yourself أو التعليم الذاتي المعتمد على الدورات القصيرة والمعتمدة بدورها على الانترنت التي تزداد سرعة ورخصًا في نفس الوقت. لذلك من أولويات العمل المستقبلي إعادة النظر في التعليم منهجًا وطرقًا وأهدافًا كذلك التوجه إلى الاستثمار الكثيف في قطاع التقنية وتحويل الكثير من الخدمات عن بعد يساعد في نمو واستقرار الاقتصاد.

  • التعاون الخليجي: على الرغم من بعض الأفكار القائلة أن الدولة بعد الجائحة سوف تذهب إلى العزلة، لا أعتقد ان ذلك سوف يتم، على العكس سوف تزداد الحاجة إلى التعاون الدولي والإقليمي، ولا أفضل من العودة من جديد إلى التعاون الخليجي لأسباب مصلحية لكل أفراد المجتمع الخليجي قاطبة فالعالم سوف يدخل في مفاوضات عسيرة (بعد الجائحة) من أجل تنظيم المؤسسات الدولية والعلاقات الدولية قد تؤدي إلى منافسة قاسية. فمجلس التعاون في حال التعاون الجاد بين مكوناته يستطيع أن يتفاوض جماعيًا في المستقبل في شؤون (الطاقة والغذاء وتنظيم المؤسسات الدولية) كما يستطيع أن يشكل سوقًا بينها كبيرة نسبيًا، عدى الفائدة الاستراتيجية في تنظيم مشترك للخدمات الصحية والمالية والاقتصادية، وتشكيل جهاز مستحق لجمع المعلومات الحيوية وتنسيقها والتي دونها لا يستطيع أي مخطط أن يتخذ القرار على الوجه الصحيح، فسوف يقوم العالم بـ (إعادة هيكلة) للنظام العالمي يكون فيه القادر على المنافسة أكثر تأثيرًا، وبإجماع الدول الخليجية تزداد القدرة التنافسية. سوف يزداد الاعتماد على (الاقتصاد الافتراضي) والأتمتة وزيادة الثقة في التقنية، كلها تحتاج إلى جهود تنسيقية بين دول الخليج.

الخلاصة

مستقبل دول الخليج فيما بعد تحديات الجائحة يبدأ من الآن، من خلال التفكير المستقبلي المنظم والنظر بعلمية للمتغيرات الدولية والإقليمية العميقة القادمة والمقارنة بالإمكانيات المتاحة والفرص وباختيار المنهج العلمي العقلاني المعتمد على معطيات بعيدة عن العاطفة أو الارتجال ومشاركة القادرين من أبناء المجتمع على التفكير المنهجي، لأن هناك حقيقة واضحة تبدو لأي عاقل هي أن الغد هو بالتأكيد ليس بمثل الأمس!!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.