البرهان على شفاء السودان !!

الاحتمال المرجح ان يقوم الحكم السوداني بتسليم رئيس الجمهورية السابق عمر البشير الى محكمة الجنايات الدولية ، وان تم ذلك الاحتمال فهي اخبار ايجابية لثلاث اطراف ، الاولى للشعب السوداني و الثانية للجمهور العربي العريض و الثالثة للجمهور الافريقي. فلم يعد ممكنا ونحن في القرن الحادي والعشرين ان تنفرد مجموعة قليلة من اهل النظام باتخاذ قرار غير انساني بتصفية مجاميع من المواطنيين عن طريق القتل الجماعي ، و يتجاهل العالم ذالك الخرق ، اصبح الرأى العام العالمي ناضما لقضايا حقوق الانسان ومن ينتهكها يلاحق ولو بعد حين ، تلك حقيقة كلما اعترفنا بها كلما تناقصت رخص البعض في سفك دماء الشعوب . تكثر في عالمنا اليوم اشكالا من الابادة الجماعية بشكل واسع او ضيق ، وهي ظاهرة بدرجات في كل من سوريا و ايران و العراق وطبعا مورست في السودان منذ اكثر من عقد من السنين. انتهاكات السودان أثارت الرأي العام العالمي مبكرا ففي عام 2004 شكل كوفي عنان امين عام الامم المتحدة وقتها لجنة دولية للنظر في انتهاكات حقوق الانسان في دارفور شرق السودان ،و في مارس 2005 اصدر مجلس الامن الدولي قرارا باحالة ملف دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية وفي العام اللاحق وجد المدعي العام للمحكمة يوم ذاك ( ادلة على حدوث عمليات قتل وتعذيب واغتصاب في اقليم درافور ) . في 2007 صدرت لائحة اتهام تشير الى تورط عدد من المسؤولين السودانين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية وقت ذاك عمر البشير . كان رد البشير وقتها في احدى خطبه حيث قال بازدراء 😦 ان محكمة الجنايات الدولية تحت حذائي)! في صلف يشابه كل ردود فعل اللامبالين من السياسين ممن تجاوزوا الحق الى الباطل وساروا في طريق قمع شعوبهم . وهذا السودان اليوم يدفع من عيش شعبه ثمنا ذلك التهور المفضي الى احتقار الروح الانسانية ، وهي على شكل تعويضات لاحداث وقعت قبل عشرون عام في الاعتداء على البارجة الامريكية يو اس اس كول ، لان من قام بذلك العمل دُرب واطلق الى ساحة الارهاب تحت حكم البشير .من سخرية التاريخ أن البشير في آخر مناورة له في العلاقات الاقليمية لجأ لزيارة بشار الاسد ، كان آخر ( رئيس) يحتضنه بالقُبل واحتمال ان يلحق به الى العدالة الدولية جراء مجازره في سوريا . سبق البشير بطرق مختلفة رؤساء دول وزعماء مليشيات في اقليمنا المؤبوء ظنوا انهم بعيدون عن المسائلة وهم كُثر، زين الدين بن على و معمر القذافي و قبلهم صدام حسين ولحقهم في النهاية عمر البشير من بين شخوص اخرى اعتقدوا في وقت ما أن العدالة لن تطالهم ، فطالت بعضهم عدالة السماء وآخرون ينتظرون عدالة الارض . يمكن الافتراض أن تسليم البشير للمحكمة الجنائية الدولية هو عمل يتفوق على مبدأ العدالة بمعناها العام ليصل الى الامثولة التي قد تكون رادعة ضد الاستبداد. ذلك هو الفارق في الحالة السودانية و التي سوف ترسل رسالة اثناء سير المحاكمة ، بان اي مرتكب لابادة جماعية لا يمكنه الفرار من العدالة بعد ان طفق يعبث فسادا في اهله ومواطنيه ويسلط عليهم جلاوزته ، كما يحدث اليوم في سوريا ، و من جاتب آخر قد يساعد تقديم البشير للمحاكمة في تقدم العرب الى ارض سياسية اكثر سلاما وصلابة . حقيقة تكاد تكون غير معروفة على نطاق واسع لدى الرأى العام العربي ان هناك قوانين دولية تفرض مواكبتها بقوانيين محلية ، لقد فرض المجتمع الدولي مجموعة من القيم والاخلاق السياسية تشكلت في قوانين ملزمة ، على رأس تلك القوانين الدولية الواجبة النفاذ لدى الدول قاطبة على سبيل المثال قوانين حقوق الانسان و قوانين الفساد ، و هي اليوم عالمية ( دولية) ومن ثم تتبعها قوانين محلية . إن سُلم البشير لمحاكمته سيكون ذلك اول سابقة عربية ، هي ادانة لعملية اسمها استخدام( اديولجيا الرعب) للبقاء في السلطة والذي مر بها كثير من الشعوب العربية وفي الجوار العربي. التطهير الاثنى السوري الذي يقوم به نظام بشار الاسد و يُحل جماعات غريبة بدلا من اهل المكان مع هدم منظم للقرى والمدن الذي استمر حتى الان قرابة العقد الكامل هو جزء من ايدولوجيا الرعب، كمثل نزول القمصان السود في احياء بيروت في 7 مايو عام 2008 من اجل اشاعة الرعب في قلوب سكان المدينة خضوعا لسيطرة حزب الله جزء من ايدبوجيا الرعب ، ومثلها ما اعترف به حسن نصر الله مؤخرا ان قاسم سليماني طلب منه 200 عنصر ( من شبيحة حزب الله) في الغالب للاستخدامهم قناصة من اجل اشاعة الرعب بين المتظاهرين المسالميين في شوارع المدن العراقية ، كذلك استخدام القتل المفرط في شوارع مدن ايران ضد متظاهرين سلميين . كل ذلك هو طغيان سياسي تحاسب عليه القوانين الدولية . و يشترتك الجميع في فكرة واحدة وهي أن الحل الامثل لازالة التناقضات اي ( اي شكل من المعارضة ) هو القيام بالتطهير العرقي و المكاني لشخوصها . يحتاج حامل ايديوجيا الرعب من طرف آخر ان يغسل عقول تابعيه عن طريق اعتبار الاخرين خونة و عملاء ( مجرمون دون جرم ) هذا ما فعله ادولف هتلر في ( الحل النهائي) في معسكرات الاعتقال ، وايضا فعله جوزف ستالين في حكمه الممتد ثلاثون عاما ، كما البشير ، فالدكتاتور طبع واحد فقدان خطط تنمية وطنية ناجحة في مجتمعاتنا المعاصرة تفرز ( القائد الملهم) او ( المعصوم) كمثال على خامنئ او صدام حسين او حسن نصر الله ، ويتحول الزعيم من ( شخص مصاب بجنون العظمة ) كما هو بالفعل ، الى كونه (العبقري الملهم)! وتبرر بعد ذلك كل اعماله في القتل الجماعي والتصفيات العرقية .المؤسف ان الجاذبية لدى العوام التي يمارسها هؤلاء (العباقرة) على انهم مفوضون من قوة اعلا ، ليست جديدة في التاريخ البشري ، فهي تجد قبولها في عقول الدهماء وناقصي المناعة المعرفية وفي غياب راي آخر تقفل دونه – بآلية قمعية شرسة – طرق التعبير عن نفسة ، وتجعل من اعمال العنف اعمال ( وطنية) ! ، لعل مشهد عمر البشير وهو يرقص بعصاه في ما يمكن ان يسمى مأتم الارامل وهو محاط بمناصريه يفسر الامبالاة التي تشيع في اذهان العامة امام تلك الافعال الشيطانية في ذويهم وبني جلدتهم . المذهل للعاقل ان لا يتحرك الشعور الانساني الطبيعي في نفوس اؤلئك الذين يقتلون المتظاهرين في بغداد او يمطروا المسالمين من طائراتهم ببراميل متفجرة في سماء قرى ومدن سوريا ،حيث لا يرمش جفن عندما يبدأ الغول في افتراس ابنائه !! لعل من الناجع عند تسليم عمر البشير للمحاكمة ان تفهم جماهير عربية عريضة ان بناء الدولة الاخلاقية العادلة هي من اولويات مشروع النهضة ،وانه لم يعد الاستمرار في قبول ازدراء كل قيم الحياة البشرية من اجل كراسي الحكم او مشروعات حكم خياليه ليس لها علاقة بالوقاقع ، حيث تفتك في الجسم الواهن المحروم من اية ثقافة سياسية وتكثر فيه كتائب السفاحين .

آخر الكلام : لا محل للحياد مع الحق ،والحق ناتج من معايير العدالة المتعارف عليها دوليا .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.