مجلة اراء حول الخليج -عدد يونيو 2019
رؤية نقدية لخطط تنويع مصادر الدخل في دول الخليج من المنظور الاجتماعي
12 خطوة لتطوير العقد الاجتماعي الخليجي
وترقيـة مجلـس التعاون إلى سـوق مشـتركة
تركز خطط التنمية المعلنة فى دول الخليج على البعد الاقتصادى، وليس مستنكراً أن يكون هذا التركيز له أولوية فى تلك الخطط، حيث ان التحدى الأساسى ، ومنذ عقود ، هو كيف يمكن أن تحقق دول الخليج(دول مجلس التعاون الست)مصادر دخل غير اعتمادها على النفط؟، وقد يكون الانشغال بالموضوع الاقتصادى قد جعل من الموضوع الاجتماعى، و كذلك السياسى شبه هاشمى، وفى يقين كاتب الورقة ان الموضوع الاجتماعى هو فى صلب أو يجب ان يكون فى صلب خطط التنمية، لأن عليه (لا على غيره) سوف يكون النجاح او الفشل لتلك الخطط الأقتصادية،فالاقتصاد لا يعيش فى فراغ إنما هو فى فضاء اجتماعى فى الأساس ( وأعنى هنا بالاجتماعى) المفهوم العام أى يشمل الثقافة والسلوك والعلاقات الاجتماعية كما يشمل العادات والتقاليد والأعراف. ودون النظر الى تلك المكونات كمدخل أساسى وهام فى خطط التنمية على الأقل لن يتحقق المراد منها، فهناك عقبات اجتماعية وثقافية تواجه خطط التنمية فى الخليج فى الغالب حتى الساعة هى المسكوت عنها.
على سبيل المثال لا يمكن ان تتحقق تنمية شاملة إلا من خلال قاعدة تجويد التعليم(وهو مكون اجتماعى) كما لا يمكن ان تتحقق أهداف التنمية الاقتصادية دون مواجهة مع قيم وسلوك ومفاهيم وأعراف تقف بعضها مناقضة لأهداف التنمية الاقتصادية، قيم مثل النظرة الى المراة فى المجتمع او النظرة الى العمل اليدوى او الاهتمام بالمفاهيم الاجتماعية المعوقة للمتطلبات التنمية والسائدة فى قطاعات واسعة من النسيج الاجتماعى الخليجى ، كقيم تثمين الوقت واهمية التجويد فى العمل، وأهمية البحث العلمى فى المؤسسات المختلفة أو ما يعرف ب( البحث والتطوير) R AND D وغيرها من المكونات.
المشكلة:تواجه دول مجلس التعاون كما يواجه غيرها من الدول المنتجة للغاز والنفط. تراجع أسعاره على المستوى الدولى، وقد ركنت هذه الدول إلى تمويل ميزانياتها التى تضخمت فى العقود الأخيرة من تصدير تلك المادة. واليوم تواجه دول الخليج فى معظمها نقصاً فى تمويل خطط التنمية سوف يؤثر عاجلاً على مستوى الحياة والعلاقات الاقتصادية/ الاجتماعية/السياسية. وقد قربت (دولة الرعاية)فى الخليج على الوصول الى نهاية الطريق!تراجع أسعار النفط كان بسبب عوامل السوق وايضا بسبب العامل السياسى الدولى. لقد كتب كثيرون من أبناء الخليج- على الأقل فى العقود الخمسة الأخيرة_ تحذيراً من ( يوم القيامة الخليجى)؛أى خروج تلك المجتمعات من (دفء النفط) وتأثير ذلك على أوضاعها السياسية والاجتماعية والاستراتيجية، حتى الساعة استبدلت الدولة الخليجية الريعية( المشاركة المعقمة أو الحقيقية) بالرعاية العامة للمواطن، وصرف الأموال السهلة على الكثير من الخدمات لامتصاص أى مطالبات بالمشاركة، وفى تاريخ الخليج الحديث نجد سابقة تتمثل فى علاقة تأثر الاقتصاد بشكل جذرى بالمطالبة بالمشاركة؛وبروز مطالب الاصلاح، وتلك معادلة يمكن ان تظهر فى دول الخليج فى المستقبل بسبب تراجع قدرة الدولة على الوفاء بمااعتادت ان تقدمه لمواطنيها فى العقود الخمسة الذهبية الأخيرة. وفى المقابل هناك مدرسة فى دول الخليج- ولو صغيرة_ ترى ان أسعار النفط لا يمكن أن تبقى متدنية. وأن صعودها حتمى، لأنها تتبع الدورة الأقتصادية الرأسمالية، وتتابع هذه المدرسة القول : إن وجود النفط والغاز فى باطن أرض دول الخليج هو بكميات ضخم، ويمكن ان يستمر الاحتياطى لفترة طويلة، ومع تقدم التقنية يمكن الاستفادة منه بطرق اخرى جديدة،غير معروفة الان، هذه المدرسة تلقى اذانا صاغية لدى الكثير من متخذى القرار فى دول الخليج، يساندها الخبرة السابقة، انه كلما تراجعت اسعار النفط، عادت من جديد الى الارتفاع!مع ذلك تحوطت الدولة فى الخليج فلجات فى اوقات مختلفة من العقد الماضى وهذا العقد إلى اصدار وثائق استراتيجية او ماعرف (استراتيجيات تنويع مصادر الدخل)، وصدرت تلك الاستراتيجيات او الخطط فى اوقات مختلفة، وتعرض الورقة هنا أهم تلك الاستراتيجيات وأهم نقادها- وهم قليليون- على مستوى النقد الكتابى، إلا أن هناك شعورا عاما شعبيا بأن تلك الاستراتيجيات- التى حصلت على الكثير من التقريظ فى وسائل الاعلام الخليجية-توافرت على عدد من المنطلقات التقلييدة للتوجه الى ( تنويع مصادر الدخل). ولم تطرح هذه الخطط فى اغلبها (للنقاش العام)من جهة، كما انها لم تتوافرعلى برنامج تفصيلى ولا خطة زمنية،أو تتصور وجود مؤسسات تراقب تنفيذها،ولكن الأهم ان تلك الخطط فى معظمها تجاوزت دراسة البعد الاجتماعى، اوتأثيرها على شبكة العلاقات الاجتماعية وعناصرها المختلفة،البعض يرى تلك الخطط على أنها لا تزيد عن( عملية علاقات عامة لا غير). لسبب ان بعضها قد طرح منذ سنة (2008م) ولم تظهر لها نتائج بعد عشر سنوات تقريبا من طرحها‘ والهدف من هذه الورقة محاولة سبر تلك الخطط البديلة، وإمكانية أو عدم امكانية تحقيق أهدافها على ضوء التحديات التى تواجهها ههذ المجتمعات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، فى نظم التعليم ودور المرأة وخلق فرص عمل للمواطنين ووجود العمالة الاجنبية الضخمة ومشروعات الفيلة البيضاء!و تغلغل البيروقراطية وطبيعة الدولة الريعية!وأهمية الحريات العامة فى التطور الاقتصادى/الاجتماعى ومحاربة الفساد.من جهة أخرى فان هناك عامل (مسكوت عنه)فى اطار تراجع اسعار النفط،هو التأثير الممكن لذلك التراجع على بقية الدول العربية التى يتصف اقتصادها بشبه النفطى، والقريبة من دول الخليج والمعتمدة إما على المساعدات المالية وإما على تصدير العمالة الى دول الخليج، وتذهب الورقة الى القول، ان تراجع الأسعار قد يطلق ديناميات، كما فى السابق التاريخى،تربط بين انحسار التمويل وتراجع الرضا السياسى، وهى معادلة منطقية قد تؤدى الى توتر فى المجتمعات،ان قصرت تلك الاستراتيجيات للوصول الى نتائج ملموسة،او ان تجاهت لفترة دور المواطنين فى رسم السياسات ، واتخذا القرارات ومراقبتها. لقد وجد الباحث ان هناك كما من النقد عند الخطة السعودية( الرؤية) والخطة الكويتية ( وثيقة الاصلاح)إلا أن هذا النقد قليل جدا او غير موجود تجاه الخطط فى بلدان الخليج الأربعة الأخرى، وهذا تعطيل للنقاش العام الواسع المطلوب لفهم واستيعاب الخطط والمشاركة فى تنفيذها لدى الجمهور العام.
مشكلات المنهج:
فى عام 2016م، صدر كتاب جوزيف ساسون (تشريح السلطوية فى الجمهوريات العربية) حاول الكاتب أن يسبر غور الأسباب العميقة لأحداث الربيع العربى الأولى، فى عدم توافر وثائق مباشرة، عمد الكاتب من خلال قراءة (مذكرات السياسيين والمسئولين) الأكثر قربا من السلطات العربية التى شهدت الاضطرابات، أن يتعرف على الأسباب العميقة التى ادت الى تلك النتائج- شبه الكارثية حتى الأن- وأظهرت دراسته نتيجة لافتة، فقد لاحظ عاملين فى جميع المذكرات التى درسها:
1- عدم وصول المعلومات الدقيقة الى متخذى القرار، أو عدم رغبة متخذى القرار فى معرفتها او تهونيها!
2- تجاهل التغيرات الاجتماعية الحادثة فى المجتمع.
أى أن القيادات فى هذه الجمهوريات ذهبت الى طريقين فى محاولة حل مشكلات المجتمع، إما إلى (العقيدة المبررة) وإما الى (العقيدة المبردة). وفى الحالتين عدم مواجهة المشكلات الاقتصادية/ الاجتماعية / السياسية بما يتوجب مواجهتها مع تغير الظروف ، وتقلب الأحداث وهى البحث عن حلول بدلاً من (الإرجاء والتسويف) وهذا ما أدى إلى اندلاع هذه الثورات ،مع اختلاف لون العلم والنشيد الوطنى! ولقد ثبت من الحراك (السودانى والجزائرى 2019م )ان نفس الاليات تكررت دون الاستفادة من جرس الإنذار !!
فى الخليج توجد اشكالية تواجه مجتمعات الخليج المعتمدة على الدخل من الثروة الهيدروكربونية ان الجميع يعرف أنها ثروة(ناضبة أولا)و (قابلة للاستبدال ثانيا) و(ثالثا سعرها يمكن أن يرتفع أو ينخفض) تبعا لأليات السوق أو حتى القرارات المتخذة فى عواصم بعيدة. وفى كل مرة تنخفض فيها اسعار النفط يتم الحديث عالياً عن (الخطط البديلة) فى توليد مصادر جديدة للثروة. ولكن سرعان ما يخفت ذلك الوهج والخطط، عند ارتفاع الأسعار، وتعود الأمور الى مجراها السابق، فى نفس الوقت الذى يجرى فيه تغيرات اجتماعية وثقافية فى المجتمع الخليجى، وتبرز مطالب جديدة وتظهر تحديات أكثر جدية.
بين المرض الأبويكى- OPEC Disease واللعنة الفنزويلية:
اعتمدت دول الخليج ، بنسب متفاوتة – ولكن كبيرة_ على الدخل من بيع (المواد الهيدرو كربونية) للعالم الصناعى والعالم الثالث،خاصة الدول ذات الأقتصادات الناشئة مؤخرا ، بعض هذه الدول تعتمد اعتمادا يصل إلى أكثر من 90 % على الدخل من المورد النفطى، وتبنت هذه الدول -بشكل عام_ سياسات لتشجيع الاستهلاك، أصبح بسببها المجتمع معتمداً كلياً على الدخول المولدة من بيع هذه السلعة والمسيطر عليها من الدولة . وبسبب العولمة وعناصر أخرى ظهر ما يمكن أن يعرف فى الخليج (بالمجتمع الاستهلاكى) الذى يعتمد كلياً على الموارد المالية المتولدة من ريع تلك المادة، بما أن الوضع الاقتصادى للمجتمع يفرز معظم أشكال العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والقيم المتصلة به؛ فطهر فى هذه الدول ما سماه الأمير محمد بن سلمان (الإدمان على النفط) كما تدفقت على هذه المجتمعات موجات من الهجرة من الدول القريبة والبعيدة، وارتبطت اسواقها بالأسواق العالمية فى الدل الرأسمالية، ولقد حذر كثيرون من ابناء المنطقة ومن خارجها ان النفط سلعة (ناضبة) أو يمكن ان يوجد لها بدائل فى المستقبل أو حتى ينخفض سعرها . لذلك يتوجب اعتماد سياسات تحضر لبدائل فى الاقتصاد وفى الدخل لتحقيق تنمية مستقرة،كالتصنيع أو تطوير الخدمات، وكل تلك البدائل معتمدة اعتمادا كلياً على تطوير ( راس المال البشرى) أى نوعية تعليم عالى المستوى ، وموجه لتطوير أو لتوليد موارد جديدة للمجتمع، إلا أن (مرض الأوبك) قد حد من التوجه الجدى لاستنباط بدائل لفترة طويلة ، وهو مرض ارتبط طرديا بفكرة ان (الأوبك) تستطيع أن تتحكم فى الأسعار العالمية للنفط؛ كونها مكونة من دول تنتج معظم النفط فهى تتحكم فى العرض والطلب فى السوق العالمىن ومن ثم تفرض سعراً مستقراً ومناسباص وشبه دائم! ذلك التحكم كان ممكنا لفترة، ولكن مع تغير المعطيات لم تعد تلك القدرة متوافرة لمجموعة الأوبك. حتى الأتفاق فى السنوات الأولى على أن تكون الأوبك( المنتج المرن) وتحدد حصصاً لإنتاج الأعضاء ، لم يكن الأعضاء ملتزمون بالحصص،مما اضطر أوبك ان توظف شركة هولندية لمراقبة الحصص،ولم تكن قادرة على ظبطها.
من جهة أخرى فإن أسعار النفط فى العقود الذهبية الخمسة تذبذبت بشكل كبير، وزاد هذا التذبذب فى العقود الأخيرة مع اضطراب الاقتصاد العالمى من جهة ، ومن جهة أخرى للتقدم الهائل فى التقنية لقد قامت النخب فى الخليج ومن وقت مبكر بالمطالبة بماعرف لاحقاً بـ (تنويع مصادر الدخل) أو على الأقل (تصنيع المواد النفطية وبيعها كمنتجات بدلاً من الخام) إلا أن هذه المطالبة ذهبت فى الغالب أدراج الرياح، ربما لسببين؛ الأول ان أسعار النفط تتراجع وماتلبث ان ترتفع ، فجاء من قال غن تلك دورات اقتصادية تابعة للدورات الرأسمالية فى الدول الصناعية، ويمكن ان يرتفع سعر النفط فى حال ( النهوض الاقتصادى العالمى او ينخفض فى حال الركود)، ومن ثم لا خوف ولا هلع! والسبب الثانى ان دول الخليج لم ترغب فى مواجهة الحقائق ، لأن مواجهتها تتطلب حزمة سياسات إما غير معترف باهميتها ، وإما على غير استعداد لدفع الثمن المقبول من جراء تنفيذها!
لقد تراجعت المداخيل المولدة من النفط فى دول الخليج( والدول المنتجة بشكل عام) بين عامى 2014-2016م ، على النحو الاتى:
فى الكويت 67% فى قطر 62% فى المملكة العربية السعودية 62% فى الإمارات 63%( أما التراجع العام فى دول الأوبك فقد كان متوسطه 61.4%) فى الفترة نفسها، أى نحن نتحدث عن خسارة الثلث من الدخل الوطنى فى الدول الخليجية فى فترة قصيرة، الأمر الذى يستدعى التفكير الجاد فى البدائل وبناء استراتيجيةمختلفة عما ساد فى العقود الخمسة الذهبية ، ولقد لجأت دول مجلس التعاون إلى اصدار ما سمته فى الغالب ( الخطط التنوية الاستراتيجية) على أسأس البحث فى المدى المتوسط والطويل غن طرق لاستدامة التنمية دون الاعتماد على دخل النفط، وهذه الاستراتيجيات تحتاج القرار الجاد للتنفيذ!نتائج المرض (الأوبكى) الذى نشاهد حدوثه اليوم فى فنزويلا ( أحد الاعضاء المؤسسين للأوبك) فقد توجهت السياسة الفنزويلية تحت شعارات شعبوية إلى صرف الدخل النفطى على الخدمات الاجتماعية لنيل الرضا. فأصبحت الدولة مدينة غلى الخارج بارقام فلكية لا تستطيع دفعها، لا الدولة ولا شركة النفط الفنزويلية العملاقة، فأصبح كلاهما على شفا الإفلاس ،مع كل الاحتمالات التى يطلقها الإفلاس سياسياً واجتماعياً.
عودة الوعى:
انتشر على وسائل التواصل الاجتماعى مؤخرا فى دول الخليج(فيديو) يقارن بسرعة بين وضع مجتمعات الخليج(منذ مائة عام) وكانت فى فقر وشدة وعوز، بينما كان الاخرون من العرب فى الشمال (العراق ، سوريا، مصر) فى بحبوحة من أمرهم ، ويذهب هذا الفيديو إلى القول إن (عرب الشمال) اليوم فى احتراب وفقر،ودول الخليج فى بحبوحة اقتصادية،إ لا ان هذا يمكن إلا يدوم!! تذكيرا للجميع أن (النعمة زوالة) ذلك الفيديو يمثل جزءا من ثقافة ( الاستهلاك الوعظى) التى هى جزء من الثقافات العامة التى تطورت فى الخليج فى زمن الرفاه. لانه يقول إن مجتمعات الخليج يمكن – إن لم تحمد النعمة!- ان تعود فقيرة، ولكن الأهم الذى لا يتطرق له كثيرون هو كيف يمكن البحث عن سياسات اقتصادية اجتماعية بديلة ، تدعم فكرة الانتاج واحترام العمل ، والبحث عن بدائل حقيقية فى الاقتصاد، جلها يقع فى تدريب انسان عربى فى الخليج وتعليمه تعليما نوعياً قادراً على مواجهة التحديات المقبلة، التى لم تظهر الى السطح بعد، ولكن مقدماتها يمكن الاحساس بها ، وكذلك التقليل من مسارب الفساد .قراءة ذلك التحذير الذى انتشر ، هو مؤشر عند حسن قراءته ينم عن (عودة الوعى) للمجموع الأكبرمن المجتمع قد بدأ فى التبلور، إلا ان هناك اخرين مازاووا يغمضون عيونهم عن القادم رجاء فى (معجزة ما)! فى الوقت الذى اتسعت فيه الفجوة المالية لقدرة الدخل النفطى فى دول مجلس التعاون على الفاء باحتياجات الميزانية.
ماهو قائم ليس دائما،كان ذلك ما رددته نخب الخليج منذ فترة طويلة‘ على الأقل فى العقود الخمسة الماضية إلا ان (المرض الهولندى) الذى اصبح ( أوبكى) كان قد تغلغل فى النفسية الخليجية‘ فأصبحت حاجة العالم الى الطاقة (النفط والغاز) بالنسبة للخليجيين حاجة دائمة! وقد اجتهد البعض بالقول إن دول الخليج فى فترة صعود أسعار النفط كانت تتمتع بمعادلة يمكن وصفها انها تملك ( قوة الندرة فى مقابل ندرة القوة) أى أنها بلاد صعيرة ذات جغرافية وسكان محدودين نسبياً، ولكنها بسبب المال المتوافر من تصدير النفط، اصبح لها (قوة) مالية مؤثرة فى الأسواق العالمية وحتى فى السياسة الدولية.هذه المعادلة التى سادت لفترة زمنية محدودة، صاحبت الحاجة العالمية للطاقة، ولكن مع تراجع تلك الحاجة، اصبح العالم الخارجى قادراً على الاستغناء عن رضا او حتى تطمين دول الخليج من الناحية الأمنية. وأن حاجتها إليهم أكثر من حاجتهم إليها!فى دراسة للخبير الاقتصادى الكويتى جاسم السعدون مؤخراً يقول ( مابين 50-90 سنة من عمر النفط فى الإقليم الخليجى، وبعد استراتيجيات وخطط وخطب،كلها تهدف إلى التنويع بعيداً عن النفط، اصبحنا مع أزمة سوق ثالثة فى جيل واحد، أكثر اعتماداً عليه وارتباطاً بمتغيراته).
المؤثرات التى يمكن ان يطلقها انخفاض اسعار النفط:
يمكن أن يطلق انخفاض أسعار النفط مجموعة من المؤثرات (التوترات) فى دول الخليج، داخليا وإقليميا، فى الداخل، ان التعود على دخل مرتفع للمواطنين- مع انعدام الانتاجية بل والقيمة الاجتماعية للعمل- قد يخلق توترات اجتماعية‘ فالقاعدة التى تقول إن ( الرضا السياسى يتوفر طرديا مع الرضا الاقتصادى والعكس صحيح) هى قاعدة اجتماعية/ سياسية تنطبق على كثير من المجتمعات ، ودول الخليج ليست استثناء، فالتاريخ يمدنا بعدد من الشواهد المحلية، منها التوترات التى حدثت فى أواخر الثلاثينيات من القرن الماضى فى كل من الكويت والبحرين ودبى الموانىء الثلاثة الأكبر وقتها، التى كانت تعتمد على صناعة الغوص وتسويق اللؤلؤ،فسنوات قليلة سابقة على ذلك التاريخ.أصيبت صناعة اللؤلؤ، التى هى المصدر الأهم للاقتصاد الخليجى بالكساد، بسبب زراعة الؤلؤ الصناعى فى اليابان، وانخفض الدخل العام بشكل كبير، فكان ان تقدمت شريحة التجار مع شرائح أخرى، إلى الحكام وقتها مطالبة بإصلاحات مع المطالبة بتقاسم (العباء ) الاقتصادية، بسبب تضرر التجار من ذلك الكساد، تلك المطالبات لم تجد لها استجابة مباشرة وقتها ، إلا أن اللافت انها كانت (مطالب توزيع) لا (مطالب إنتاج) ز وقد بدات تأثيرات أسعار النفط تؤثر فى الاقتصاد فى السنوات الأخيرة. وقد ظهرت اليوم بعض الاختلالات فى الهياكل الاقتصادية / الاجتماعية الخليجية منها اربعة عشر عاملاً رئيسياً:
- الاختلال فى توزيع الميزانيات العامة ، والتوجه لتقليص الانفاق فى بعض وجوه الخدمات.
- تراجع التصنيف الائتمانى لبعض دول الخليج.
- تجميد المرتبات فى بعض الدول الخليجية.
- زيادة فى الرسوم.
- رفع أسعار الخدمات بما فيها المحروقات والكهرباء والماء.
- التأخر فى دفع مستحقات المقاولين.
- الاستغناء عن اليد العاملة الأجنبية.
- ازدياد حجم البطالة بين الشباب
- احتمال انخفاض سعر العملة،وانخفاض أسهم البنوك والمؤسسات المالية.
- الهجرة الى الخارج.
- قد ينطلق صراع بين العناصر (الوراثية ) فى المجتمع، والعناصر المطالبة بالتمثيل.
- صعوبة قبول المساس بالامتيازات، خاصة المالية.
- إعادة كتابة قواعد اللعبة.
التحديات:
تواجه دول الخليج ثلاثة تحديات كبرى.التحدى الاستراتيجى الذى يهدد الاستقرار، والتحدى السكانى، والثالث هو التحدى الاقتصادى وأساسه تراجع أسعار النفط، والأخير(تراجع أسعارالنفط ) ليست المرة الأولى التى تواجه دول الخليج فى العقود الخمسة الذهبية إلا أن التراجع فى المرات السابقة فى الغالب يعقبه (تعافى) مما جعل انتشار فكرة (اليويو) لدى بعض متخذى القرار، اى ان اليوم تراجع وغدا تعاف، لا تبدو هذه النظرية فى هذه المرحلة الحالية ممكنة الحدوث،تراجع أسعار النفط هذه المرة يبدو أنه مستمر ومتزامن مع عناصر أخرى، وهى التوجه إلى الانفاق الكبير فى السنوات الأخيرة (التى أصبح المجتمع معتادا عليها) . وأيضا تكاليف الحروب المخاضة فى كل من سورياواليمن والعراق وليبيا، وهى حروب تؤثر على ميزانية الدولة الخليجية. ويذهب الخبراء إلى القول إن ( الأعتماد المفرط) على دخل النفط. هو الذى سوف يسبب فى وقت ما الأزمات القادمة.
تذهب بعض الدراسات إلى أن دول الخليج لن يكون التأثير عليها ( كبيراً وحاداً) فى السنوات القليلة القادمة نتيجة تراجع أسعار النفط . مع ذهاب دراسات أخرى (خاصة محلية) غلى أن (الشحم بدأ يذوب عن جسم الدولة الخليجية) وقد يصل الأمر الى (العظم) خلال سنوات قليلة، تقل أو تكثر حسب الدولة الخليجية ومخزونها المالى. وطريقة المواجهة لاحتمال ظهور الأزمات.
إلا أن هناك ما يسمى فى الأدب الاقتصادى (لعنة الموارد) اى الدول التى تعتمد على مورد واحد فى الدخل(كمثل دول الخليج)لها مواصفات محددة منها:
- هى أقل حوكمة
- وبعض الدول معرضة لتبعات خلل ب المورد او خلل فى السوق العالمى.
- وأنها تعانى مزيدا من الفساد.
- ومؤسساتها غير فاعلة.
- ومشاريعها(فيلة بيضاء) أى ضخمة دون جدوى اقتصادية.
- صعوبة استقطاب الاستثمار الأجنبى( بسبب عرقلة البيروقراطية).
- ضعف فى الاستثمار فى رأس المال المعرفى والرقمنة( التقنية الحديثة).
- خلل سكانى هائل ويتزايد.
- خلل فى سوق العمل بين مساهمة المواطنين وبين غير المواطنين.
- ويضاف الى هذه التحديات -خليجيا- ان بعض الدول لا يتوفر لها المساحة للتمكن من تطوير صناعات تتطلب أرضاً واسعة، كما أن بعضها لأو جلها يفتقد الى الموارد المائية الكافية لدعم زراعة ذات مردود اقتصادى.
الاستراتيجيات والبدائل ونقدها:
أمام كل تلك التحديات أطلقت دول الخليج مجموعة من الخطط متوسطة ةطويلة الأجل ، على أنها (خطط استراتيجية لتنويع مصادر الدخل)أغلبها فى عام 2008م، عند ظهور الأزمة المالية العالمية،وبعضها بعد ذلك ،كثير منها اهتم بالموضوعات الاقتصادية /الاجتماعية، وقليل منها اشار إلى التطوير السياسى،فعلى سبيل المثال تم اطلاق عدد من الرؤى وهى:
- رؤية الملكة العربية السعودية2030م
- رؤية الكويت الاستراتيجية 2010-2035م (أطلقت 2008م)
- رؤية الامارات 2030 م
- الرؤيةالأاقتصادية للبحرين 2030 م (أطلقت 2008م)
- رؤية عمان الاستراتيجية 2030 م.
علينا القول أن ( الخطط والاستراتيجيات ) الخليجية تتقاطع فى الكثير من المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية و السياسية ، وفى هذه الخطط يستطيع المتابع أن يلمس تشابهاص (إن لم يكن تطابقاً) فى الأهداف ، وهى أيضا فى مجملها(عبارات) فى أدبيات التنمية الدولية منها(تحويل البلاد إلى دولة متقدمة) ومنها (تطوير المؤسسات)و(تطوير الثروة الطبيعية الناضبة والمستجدة) و(الاهتمام بالقطاع الخاص)(ترشيد استهلاك المياه والطاقة)، إلى اخر تلك العناوين التى لا يختلف عليها أحد. السؤال ، كيف نصل إلى تحقيق تلك الرؤى؟
هنا سوف يعرض الكاتب نقداً شبه مطول للخطة الاستراتيجية السعودية، والخطة الاستراتيجية الكويتية، كذلك ماتوافر من نقد لخطط الامارات والبحرين وقطر وعمان، كمثال للتحديات التى يراها أبناء المنطقة أنها تواجه المنطقة ككل فى الانتقال إلى مجتمع غيرمعتمد على مصدر واحد وناضب للثروة، إلى مجتمع متعدد مصادر الدخل ومنتج للثروة فى طريق التنمية المستدامة!.
رؤية المملكة العربية السعودية:
اطلقت فى عام 2016 م استنهضت العديد من التعليقات والاقتراحات والنقد، كون المملكة هى الدول الأكبر فى الخليج،كما أن التغيرات التى شهدتها على النطاق السياسى مؤخرا وكانت لافتة بجلب قيادة شبابية إحدى الدراسات المعمقة لشرح الرؤية ونقدها كتبه الدكتور عبد العزيز محمد الدخيل ذهب الكاتب إلى أن ( الرؤية ) لم تأت من فراغ بل من (إرادة سياسية للتغيير، وان هناك حالة اقتصادية – ان استمرت كماهى- فسوف ينتهى الأمر(بظهور) أزمة مالية كبيرة،هذا المطلب التغييرى ( لقى تجاوبا شعبيا كبيراً)(فارتفعت امال المواطنين الذين يشعرون انهم لم ينالوا نصيبهم وحقهم فى الوظيفة والسكن والصحة ، والرفاهية، وفى توجه (الرؤية) إلى بناء الانسان عن طريق تطوير المناهج وترقية العملية التعليمية يعلق الكاتب إن (قبول ) ( المنهج العلمى والفكر المنطقى المضاد للخرافة مهم كونه لا يزال يواجه صعوبات وعراقيل.
خطة التنمية فى الكويت:
تتوافر أدبيات كثيرة لنقد الخطة الكويتية( الرؤية الاستراتيجية 2035م) التى أقرت من مجلس الأمة والأهداف الكبرى للخطة أو الرؤية هى (تحويل الكويت إلى مركز مالى وتجارى جاذب للاستثمار) ، يقوم فيها القطاع الخاص بقيادة النشاط الأقتصادى، وتزكى فيه روح المنافسة وترفع كفاءة الانتاج وترسخ القيم وتحافظ على الهوية وتحقيق التنمية البشريةوالتنمية المتوازنة، وتوفر بنية أساسىة ملائمة وتشريعات متطورة وبيئة اعمال مشجعة). وقد جرت المقارنة بين الخطط الكويتية والخطة السعودية ، كما فى خطط دول الخليج الأخرى فى بعض التفاصيل . الخطة الكويتية طويلة الأجل نجد أن الكثير من النقد قد سلط عليها من الصحافة المحلية او من الأكاديميين، فبعض ما جاء فى الصحافة ما كتبته جريدة القبس التى اشارت إلى (ان مشروع الرؤية الوطنية التى نتج عنها )خطط تنمية،جلها انتهى إلى الفشل وعدم تحقيق نسبة نجاح عالية بمسيرة متعثرة)، وتذهب القبس إلى القول(كثيراً ما ردد أن بناء البشر أهم من بناء الحجر)،إلا ان العناية بالبشر لم تنتج،حتى الان،اى شىء ملموس!
وفى دراسة لكاتب هذه السطور حول المعوقات الاجتماعية لخطة التنمية فى الكويت جاء الاتى:
(الأسباب غير الأقتصادية لتباطؤ التنمية فى الكويت):
أن يكون للكويت خطة فهذا شىء جيد، وأن يكون لها خطة تصدر بقانون،فهذا شىء أكثر من جيد، وأن تناقش على أوسع نطاق فذلك هو المطلوب.ماسوف اقدم اجتهاداً فيه هو الأسباب غير الاقتصادية التى يمكن ان تبطىء تنفيذ الخطة.
ديورانت فى كتابه الضخم قصة الحضارة يقول:” الانسان عندما يفكر فى غده‘فقد خرج بذلك من جنة عدن إلى وادى الهموم” كما يقول لنا هذا الرجلالذى درس تطور الانسانية ورقيها:” الثروة الطبيعية لا تخلق المدنية خلقا،إلا انها تستطيع أن تبتسم فى وجهها وتهيىء سبل ازدهارها”.
بهاتين المقولتين اردت أن استدعى الفكر الانسانى، من جانب أهمية التخطيط للمستقبل للشعوب الحية، ومن جانب اخر، القول: إن الثروة بحد ذاتها لا تخلق المدنية والتقدم جهد الانسان وتصوراته لما يريد ان يكون.
فى الكتابات التنوية أيا كان مصدرها، تكاد تجمع على أن التنمية من بين عوامل أخرى، تحتاج إلى عدد من الركائز الأساسية هى وجود رؤية فى المجتمع،وإقامة المؤسساتية ، صناعة الانسان، والمساءلة ووجود القطاع الخاص بفاعلية، هذه الركائز الخمس الأساسية التى تعارف عليها من أهل التنمية هلى ما يمكن أن يعرف ب(المتطلبات المسبقة)للاقلاع بالمجتمع الى افاق جديدة. الرؤية أن يكون لنا رؤية واضحة لما نريد أن نصل إليه، مصحوبة ببرامج عمل واليات، للانتقال مما نحن فيه الى المرغوب ، الرؤية تتطلب ان تكون جزءا من تفكير الشرائح جميعها فى المجتمع.
لأن أية رؤية يراد الوصول إليها تحتاج الى هياكل تنظيمية(إدارية)قادرة على خلق البيئة المناسبة لتحقيق أهداف الخطة. الخلل أو الضعف فى قدرة الهياكل التنظيمية وسرعة تجاوبها مع المتغيرات سيكون عائقا أمام تطبيق الخطة. بل معوقا لها.
يبقى القطاع الخاص الذى سوف يشارك فى حمل أعباء التنمية لقدرته على المشاركة وعلاقته بالهياكل التنظيمية فى الدولة، وبناء الانسان(التعليم و التدريب) ومن ثم أجهزة المساءلة وكفاءتها.
يقسم دارسو الخطط أهداف الخطة إلى فرعين أساسيين،والكويت ليست استثناء، الأول الأهداف الصلبة ( التى يمكن أن تتحقق فى يسر ان توفر المال- الأهداف الكمية تسميها خطتنا). وأهداف ( ناعمة ، تسميها خطتنا النوعية) وهى الأصعب من الأهداف ، التدريب مثل القيم والأخلاق، التعليم.
إن عدنا إلى الكويت وفحصنا مالدينا على ضوء ماتقدم نرى ان هناك (اهداف) اشتملت عليها الخطة. وهى 6 أهداف، منها قيادة القطاع الخاص للتنمية،دعم التنمية البشرية، تطوير السياسات السكانية، رفع مستوى معيشة المواطن، الادارة الحكومية الفعالة، تعزيز الهوية العربية والاسلامية.
وهناك رؤية أو هدف عام وضع منذ زمن كون الكويت مركزاً مالياً وتجارياً، أو رؤية صاحب السمو أمير البلاد فى أقواله التى يعود إليها دائما،منها: الحديث المتكرر عن اهمية أمن الكويت ، صيانة الوحدة الوطنية، تطبيق القوانين، العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وما يشوبها من معوقات-ساتى لها لاحقا- تلك هى الرؤية من منظور عام.
مؤشرات الحكومة الرشيدة الصادرة من البنك الدولى عليه مفهوم الدولة.تلخص الأهداف الى الاستقرار السياسى ،فاعلية الحكومة،سيادة القانون، مكافحة الفساد، والمساءلة.
حقيقة الأمر أن هناك تقاطع مهم فى دعوات القيادة ، وأهداف الخطة والمؤشرات الدولية الحاثة على انتهاج تخطيط سليم لصالح مجتمع حديث ،فالتخطيط إذا عملية التدخل الذكى من قادة المجتمع لتحقيق أهداف بعينها( الرؤية) أى القدرة على حسن استخدام الموارد، وازالة المعوقات أمام انبثاق الامكانيات الذاتية، وتوفير الترتيبات المؤسسية، ومشاركة المجتمع،داخل كيان سياسى معين يطلق عليه مفهوم الدولة.
مجتمع الكويت :
لا يختلف كثير من العقلاء على أن مجتمع الكويت اليوم يعانى من عدم توافق اجتماعى واسع يسبب للكويت أزمات متتالية وهناك “توترات اجتماعية” عديدة تظهر فى وسائل الاعلام وخاصة الحديثة، وعلى ساحة المجلس النيابى المنتخب وفى المنتديات العامة.
السبب أن البعض صاحب مشروع من نوع ما، يريد أن يأخذ الكويت إلى أهداف مشروعه الذى يؤمن به، دون الالتفات الى التوافق مع المشاريع الأخرى والبعض الأخر لهم مشاريعهم الخاصة(القبلية أو الفئوية) أى الحاجة إلى وضع (قيم) مشتركة ومتفق عليها من الغالبية فى المجتمع، وهو أمر لم يحدث حتى الان!.
العجب ليس الاختلاف ولا حتى الصراع، فأى قارىء فى علم الاجتماع يعرف أن الصراع فى المجتمع جزء من تكوينه وصيرورته،العجب هو قصورنا عن حل هذا الصراع بالادوات التى صممت من أجل حله.
الهويات الصغيرة ضد الهوية الأكبر، أن أن الهوية القبلية والطائفية، والعرقية والمناطقية، ضد الهوية ألكبر، وهى الهوية الوطنية المبتغاة.
فكرة الديمقراطية التوافقية ، هى أن يتمكن المجتمع من وصول الى توافق ، وحلول وسطى للمشكلات التى تواجهه، إلا أن هذا التوتر الاجتماعى الذى نراه فى الكويت،لايبدو أن له مخرجاً.
اشتكى ويشتكى منه كثيرون. للتدليل فقط، نلحظ افتتاحية جريدة القبس 30 سبتمبر 2010م، بعنوان لافت، ( الاستباحة السياسية)، فتقول 😦 مجرد ان يبدأ نائب او نواب الهجوم على وزير معين يسارع المتابعون فى عالم السياسة الى التفتيش عن ألسباب الحقيقية التى تقف فى خلفية الحملة، وفى الكثير من الاحيان يجدون أن الأسباب شخصية او فئوية أو طائفية أو مذهبية… أو مخجلة أحيانا..!!
يعود سمو الأمير فى خطابه فى افتتاح دورة مجلس الأمة فى (نوفمبر 2010م) إلى القول:..حتى غدا الشارع وليس قبة البرلمان هو المكان لطرح القضايا والمشكلات، الأمر الذى يتعذر معه الوصول إلى قرار صائب..
الممارسة الديمقراطية-على سمو الفكرة_ هى فى الممارسة الفعلية، زكت الطائفية والعرقية، والقبلية والمناطقية، حتى أصبحت حواسنا تتعامل بالمستجدات، وعقليتنا تتمسك بالماضى؟ واصبحنا قاب قوسين أو أدنى إلى مرحلة ” التصدع الاجتماعى”!
والحال أن الموضوع فى النصوص والدستور والقوانين أفضل بكثير مما يحدث على أرض الواقع. فقراءة الواقع الاجتماعى السياسى، والتشارك فى وضع تصورات للخروج من حدة التوترات الاجتماعية هى شرط اساس لتطبيق الخطة.
حتى نقوم بتنمية مرادة،علينا أولا العودة من الحالة المرضية فى مجتمعنا إلى الحالة الصحية المرجوة، أى ايجاد توافق واسع يتخطى الأجندات الصغرى.إلى تحقيق أجندة المواطنة، وهذا يتطلب جهداً فكريا ًكبيراً، بل وضخماص يصاحبه جهد توعوى من مؤسسات المجتمع المدنى ومن الاعلام ( الذى يشتكى من بعضه بالمساهمة فى نفخ النار..) ويتطلب الابتعاد عن ( الاغراء السياسى بالاخر) من جانبى المشرعين والمنفذين على حد سواء ، وجهد سياسى من الدولة، اى الوعى المجتمعى بأهمية التغيير وضرورته.
بسبب تصريح كُيف على أنه عرقى أقيل برلمانى بريطانى -وهى أقدم الديمقراطيات- على أساس تصريحه يقود إلى (إثارة النعرات العرقية فى المجتمع) الحكم صدر من محكمة وهذا يحدث لأول مرة.. فالشعوب الحية يهمها المضمون وليس الشكل.
ان كنا نحتاج إلى تنمية باتجاه الأهداف ( اللينة) التى هى أكثر عسرة فى التحقق ، فنحن نحتاج إلى إدارة حديثة متخففة من البيروقراطية، وإلى قوانين أقل كثافة ومناسبة للمجتمع، وإلى أهداف تعليمية وتنموية، ولتحقيق ذلك فإننا سوف نصطدم فوراً بالمصالح المركبة-حتى الان- لمقاومة تلك الأهداف.
فى الجو السياسى البيروقراطى الذى نعيشه، ربما نحقق بعض اهداف التنمية الصلبة، إلا أن الأهداف الأكثر أهمية وهى الأهداف اللينة، أى تحقيق توافق اجتماعى واسع والعناية بالانسان الكويتى لمعايشة العصر من خلال تعليم حديث، فتلك هى الصعوبة الحقيقية .
نحن فى الكويت أكثر الناس ثقلاً بالقوانين ،حتى يكاد المرء أن يجزم بان بعض القوانين فيها شخصانية، فى الوقت الذى يعرف القانونيون ان القانون عام وشامل محايد وغير شخصى.
مثلا فى انفاذ العقود فى الكويت بلغ عدد الاجراءات 50 اجراء ، وعدد الأيام التى تستهلك 566 يوماً ، وأوراق التصدير تحتاج إلى 36 يوماً والاستيراد إلى 72 يوماً، والتسجيل العقارى إلى 55 يوماً وتصفية النشاط التجارى إلى 4 سنوات، وهكذا ..( صحف الكويت 5 نوفمبر 2010م).
ومثل اخر يعرفه كل المشتغلين بالعمل العام فى الكويت ، ان أكثر المؤسسات ثقلاً بالعمل المتراكن هما 1- ديوان المحاسبة 2- الفتوى والتشريع، على هاتين المؤسستين تجرى الازاحة عليهما لكل مالايريد البيروقراطى أن يتخذ القرار فيه،خوفاً من المساءلة التى تأتى -غالبا- من المؤسسة التشريعية، ولسان حال هذه البيروقراطية: ما كارى؟ تركيبة العمل السياسى الحالية فى الكويت تركيبة تضيف إلى البيروقراطية، فبجانب طول الاجراءات والااحات إلى مؤسسات أخرى، كثيرا مانرى ان هناك ضغوطاً ضخمة للتسكين الادارى (على طريقة أفضل شخص للوظيفة هو ولدنا!!)ويكاد يمر التسكين الادارى فى دئرة مغلقة. فالقوى الضاغطة تعمل باتجاهين،إذا لم يستطع إيصال أشخاص(غير أكفاء) تعترض على الأكفاء. والنتيجة واحد .وصول من لا قدرة لديهم إلى موقع القرار. فالبيروقراطية ليست فى تحسن لا من حيث الكيف البشرى ، ولا من حيث التدريب المهنى. فى هذه الحالة كيف يمكن أن تسير التنمية. وخاصة البشرية؟.
إذا أمامنا عقبة فى الووصل إلى (الدولة الفعالة) وهى متطلب أساسى لتنفيذ التمية، فى جو يسوده التنافس ليس إقليميا فقط، بل ودولياً ايضاً. وتعرف الدولة الفعالة باعتبارها هدفا ايجابيا للتنمية فالدولة هى المؤسسة القائدة لتحسين شروط حياة الناس
حقيقة الأمر أن الديناميات التى أفرزت فيما بعد الاحتلال والتحرير فى الكويت أظهرت لدينا ما يمكن تسميته بـ( السلطوية التشاركية) ،أى الاستجابة إلى أفراد أو مجموعات مشاركة فى السلطة لتحقيق مصالح فرعية، أكثر من الاستجابة إلى مطالب الجمهور العام، الاسترضائية او الزبائنية وفى قول أخر المحاباة والمحسوبية السياسية، أصبحت مكافأة هذه المجموعات أكثر بكثير من مكافأة المبادرة والجدارة والكفاءة.
قلت إن ارقام خطة التنمية الاستراتيجية المنشورة كثير منها قديم نسبياً، ويحتاج التخطيط الحديث إلى وجود قاعدة معلوماتية حديثة ومستمرة فى التحديث.
التحديات التى تواجه الخطة الاستراتيجية الكويتية:
ماذا تقول لنا الخطة( سأقتصر على البعد الاجتماعى) أو ما تسميه الخطة : التنمية البشريةو المجتمعية.
-التحدى السكانى: الهجرة إلى الكويت ضخمة، عدد السكان يكبر، كويتيين وغير كويتيين، وهولاء يحتاجون إلى خدمات من الطرق الى الاستشفاء ، نمو السكان الكويتين 3.3% ونمو السكان غير الكويتين 6.6% اليوم فى الكويت 4.1 مليون نسمة( مووضع السكان وقدرتهم وحجمهم) موضوع مهم للمخطط . فلدينا (اختلال سكانى) كبير .فالوافدون بدون مؤهلات 53.9% يشكلون 83% من قوة العمل فى القطاع الحكومى، 17% فى القطاع الخاص، 92% من إجمالى قوة العمل الوافدة فى القطاع العائلى، ومن ثم الخاص . ما ظهر حتى الان ان هناك تصورات لحل بعض مشكلات السكان غير محددى الجنسية، الخطة ربما تفاجىء بذلك ، لأن هناك عبء – من حيث العدد- على الخدمات الاسكانية، الصحية والتعليمية.
- فى التعليم: 80% من الموارد المالية فى التعليم تذهب إلى المرتبات، المسجلون فى الهيئة العامة للتعليم التطبيقى والتدريبى لا يعكس أهداف الهيئة، 21 ألف كويتى وكويتية يدخلون سوقالعمل سنوياً، الحاجة الملحة إلى ( رفع مستوى تحصيل الطلاب فى التعليم العام) مخصصات البحوث شديدة التواضع.
تلاحظ الخطة هنا أهمية (إعادة صياغة منظومة التعليم فى جميع المستويات). و(غرس المفاهيم الايجابية لدى الطلبة) ومشاركة القطاع الخاص فى المدارس.
كل هذه الخطوات المهمة والضرورية أمامها عقبات كؤود غير اقتصادية. يعرفها المشتغل بالشأن العام بسبب الثنائيات المنقسمة فى المجتمع، التى تسببت حتى الان فى التعطيل او التأخير. فبمجرد الشروع فى تطوير برامج التعليم سوف يصصدم بأى البرامج تعزز؟ واى البرامج تلغى؟ تكرار لمعضلة تاريخية هى تعليم الانجليزية فى (المباركية ، والأحمدية).
- فى الصحة: نسبة الموفدين للخارج للعلاج ومرافقيهم زادت 448% والمرافقون 670%، الظروف البيئية ( ثالث أسباب الوفيات فى الكويت( الأورام) تلوث الهواء. من دراسات أخرى نعرف أن الوقاية الواعية يمكن أن تقلل نصف ميزانية الصحة( يعنى الموضوع وعى وطريقة حياة)كمثال البنغالى فى كندا..ووفاة من هم فى قسم العناية المركزة..الهيئة التمريضية غير المدربة، مستوى الانفاق على البحث العلمى، تلاحظ الخطة الكويتية انه الان0.2% من الناتج المحلى الاجمالى، وتامل العمل الى زيادة الى 1% من الناتج المحلى الاجمالى فى نهاية الخطة، إلا أننا لا نلحظ الحديث عن ربط التعليم العالى بالبحث العملى..(هذا لم يحقق فى السنوات التى بدأت بتطبيق الخطة).
حقيقة الأمر أمامنا عقبات سياسية وفكرية لتطوير التعليم. ومحاولة التفريق بين ( المعرفة) و( المعرفية)، الان هناك تناقضات جوهرية فى نظرتنا إلى التعليم، وعلينا مواجهة السباق فى القرن الواحد والعشرين دمج البحث العلمى والتعليم، على المستوى الادارى والمستوى المؤسساتى ..فلسفة التعليم قائمة على فكرة دانلوب (الرجل الذى أسس التعليم الحديث فى مصر، على أساس تخريج موظفين) وهى مدرسة تجاوزها الزمن.
سياسات التعليم الحالى(خاصة الجامعى وما فوقه)سوف تقود الى ثنائية جديدة ، بجانب الثنائيات المعروفة فى المجتمع الكويتى، ثنائية خريجى الجامعات الممتازة( وكثير منها خاصة) وخريجى الجامعات الجامعات الحكومية)حتى نغير ذلك سوف نصطدم بقوى فكرية وسياسية تريد ابقاء الحال على ماهو عليه..
كما اشير فى البداية إلى أن العبارات التى تضمنته خطط التنمية ( استراتيجيات) هى عبارات عامة. قديكون قد حقق منها (البناء فى الحجر) أما موضوع (البناء فى البشر) فلا يزال الأمر يحتاج إلى جهود منسقة وإرادة سياسية وقوى اجتماعية حتى الان لم تتوافر فى دول الخليج المدروسة.
خطة التنمية فى الامارات:
فى الوثائق المتوفرة لخطط التنمية فى الامارات نرى ان هناك بعض الوثائق تتحدث عن ( خطة استراتيجية لإمارة دبى 2021م) وخطة للدولة 2021م ، وتهدف الخطة إلى ( تكوين مجتمع تحكمه مجموعة من قواعد العيش المشترك، ويستقر فى فضاء حضرى ويتشاركون فى تجربة معيشية مشتركة)وتذهب الخطة لشرح الأهداف التفصيلية منها تطوير جودة الحياة، وإقامة حكومة رائدة، وقيام مؤسسات، عصرنة التعليم وإقامة موطن للمبدعين. وإشراك القطاع الخاص. فى الخطوط العريضة لا تختلف خطة الامارت إلا فى القليل من المفردات عن خطط بقية دول مجلس التعاون مع ندرة الحديث عن مناهج وطرق التنفيذ.
خطة التنمية فى البحرين:
خطة البحرين( الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030م) أطلقها ملك البحرين فى 23 أكتوبر 2008م، الأمل أن تشكل بوابة الاصلاح الاقتصادى واستكمالاً للاصلاح السياسى وحددت أهداف الخطة ( فى الانتقال من اقتصاد قائم على الثروة النفطية إلى اقتصاد منتج على المنافسة العالمية) ومن جديد لا تختلف الرؤية الاقتصادية للبحرين عن مثيلاتها فى دول الخليج فى الصياغة و الأهداف العامة المرتجاة.
خطة التمية فى قطر:
رؤية قطر الوطنة 2030م صدرت فى عام 2008م وتبعتها ( استراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2010-2016م تبدا الرؤية بالقول( إن قطر على مفترق طرق) وقد ( أضحى من الضرورى أن تختار قطر الطريق الأمثل الذى يتماشى مع رغبات قيادتها وتطلعات شعبها). وتقدم لنا دراسة نقدية للخطة القطرية. ان هناك (مكامن للخلل) المزمن فى قطر الذى يحتاج إلى علاج منه( الخلل السكانى المتفاقم) و( الخلل الانتاجى) و( الخلل الأمنى- الأقليمى)، ولا تختلف رؤية قطر كثيراً عن بقية ( رؤى ) دول مجلس التعاون فى التذكير بالعناية برأس المال البشرى ( تجويد التعليم)، التنوع الاقتصادى، التنمية البيئية ، ويرى الدكتور على خليفة الكوارى ، بعد أن يقدم رؤية استطلاعية للخطة القطرية بقوله(فإن اجد رؤية قطر الوطنية 2030م تهدف لبقاء الوضع على ماهو عليه دون إصلاح لاوجه الخلل المزمنة).
خطة التنمية فى عمان:
لا تختلف خطة عمان التنموية طويلة الأجل فى الأهداف كثيراً عما سطرته الخطط فى الدول الخليجية المجاورة، فهى ترمى إلى أن تحقق ( الخطة الاستراتيجية التى سيكون مداها 2020-2040م) سوف تركز على مشاريع تنويع مصادر الدخل ودعم منشات وشركات القطاع الخاص الانتاجية والخدمية، فضلا عن تطوير استغلال موارد السلطة التقليدية من النفط والغاز وصولاً إلى التوازن الاستثمارى واستدامة النمو، والتأكيد على السياسات الاجتماعية والتنمية البشرية.
الفرص:
انتقد صندوق النقد الدولى تأخر دول الخليج لوضع خطط لتطوير اقتصادها والتخلى عن اقتصاد البترول كممول وحيد للاقتصاد . ونصح بتبنى نموذج حديث يقتبس خطوطه العريضة من تجار ب ناجحة مثل ماليزيا واندونيسيا والمكسيك التى تمكنت من تنويع اقتصادها بعيدأً عن النفط، فى حين حققت شيلى قدراً من النجاح فى تنويع مصادر دخلها بعيداً عن صادرات النحاس ، واشار الصندوق فى دراسته المنشورة 2015م ، إلى أن كل تلك البلدان الأربعة اتبعت مسارها الخاصل، فمثلاً اتبعت ماليزيا استراتيجية تنويع التصدير منذ ستينات القرن الماضى وفى وقت مبكر، وأخذت عقدين من الزمان للوصول باقتصادها إلى مستوى متطور مشابه لبعض الاقتصاديات المتقدمة،كما ركزت تلك البلدان على وضع حوافز لتشجيع الشركات على تطوير أسواق التصدير ودعم العاملين لاكتساب المهارات والتعليم ذى الجودة العالية للحصول على وظيفة فى هذه المجالات الجديدة ، بالاضافة إلى التركيز على خلق بيئة اقتصادية مستقرة ومناخ ملائم لممارسة الأعمال التجارية . ومن هنا فإن وضع خطط استراتيجية للتحول إلى دول حديثة منتجة ومتعددة مصادر الدخل، اصبح امرا لازما لمواجهة التحديات التى يراها كثيرون رؤية العين فى منطقة الخليج، حيث لا توجد امامها خيارات كثيرة إلا أن تصحح أوضاعا خاطئا اقتصاديا سارت عليها فى العقود الذهبية الخمس الماضية، وان استمر الأمر كما هو عليه دون إعادة هيكلة جادة، فإن هذه الدول لاشك- عاجلاً أو اجلا-تدخل(نفقا مظلما) طريق تصحيح الأوضاع هو تغيير المفاهيم التشريعية والتنفيذية بكل ماتتطلبه من أدوات تنفيذية. وقد تكون الفرصة سانحة لبضع سنوات ، وحتى لو عادت اسعار النفط إلى الارتفاع فإن السير فى خطط التغيير هى الأكثر سلامة لاستدامة الاستقرار فى هذه المنطقة.
تحليل واستنتاجات البعد الاجتماعى المفقود:
الزمن ليس زمن التشفى او التمنى، الزمن هو زمن التفكير الجاد للخروج من مأزق قادم لا محالة، وهو تدنى أو أنخفاض الدخل المتولد من النفط فى هذه المجتمعات ، كما أن الدخل فى المستقبل لن يفى بحاجات هذه المجتمعات الاقتصادية / الاجتماعية فى ضوء ألعباء الكبيرة المترتبة على الدولة الخليجية الحديثة، سواء فى الداخل أو الخارج، وعليه لابد من التفكير والعمل الجدى لاتخاذ خطوات متسقة وتدريجية واضحة للجمهور من أجل تغيير مسار الأاقتصاد . وربما من اهم الخطوات التى يتوجب أن تؤخذ هو النظر فى ( إقامة مؤسسات سياسية) حديثة ، ومراجعة القوانين القائمة لتوجيهها إلى الانتاج وتقليص دور الدولة( و البيروقراطية)، والقضاء على الفساد فى العمل العام، وإعادة النظر بالسرعة اللازمة فى برامج التعليم بكل درجاته وأنواعه. أى إعادة التفكير جذرياً فى ( العقد الاجتماعى/ الاقتصادى/ السياسى القائم فى الخليج)وذلك يتطلب عدداً من الخطوات منها:
- الحاجة الملحة للتغيير إلى الأفضل.( دون ذلك لا معنى لأى خطوات أخرى او خطط ورقية) !أى وجود إرادة سياسية فاعلة فى كل دولة وعلى المستوى الاقليمى (على الأقل بمن رغب).
- التوجه إلى وحدة اقتصادية / سياسية خليجية على قاعدة (الكل أكبر من مجموع الأجزاء) فالتحديات لهذه الدول (مجلس التعاون) ضخمة اقتصاديا وامنياً وسياسيا واجتماعياً(امتلاك بشكل جماعى عقلية القفزة النوعية المطلوبة).
- صياغة جديدة للعقد الاجتماعى السائد حتى الن فى دولة الرعاية، وتوسيع المشاركة ووضح اتخاذ القرار.
- تجويدعاجل وسريع للمنظومة التعليمية ،تطوير المعرفة والمهارات والاتجاهات العامة، استخدام التقنية فى التعليم.
- خلق قيم عامة ومشتركة،فعلية وحديثة على قاعدة( الدولة الوطنية).
- التحول الى الصناعات المصاحبة للنفط، والشراكة مع القطاع الخاص ورأس المال الأجنبى فى تطوير الصناعات والمهارات.
- تسهيل إجراءات دخول رأس المال الأجنبى على قاعدة خلق فرص عمل جديدة ونقل التقنية.
- الاهتمام بالتقنية والرقمنة فى الاقتصاد وفى الخدمات التى تقدمها الدولة والشركات.
- تقليل الاعتماد على اليد العاملة الاجنبية.
- تمكين المرأة التى هى نصف المجتمع.
- القضاء على بطالة الشباب.
- خلق فرص ترفيه جاذبة للشباب.
تلك مجموع من السياسات المطلوبة والعاجلة اليوم فى دول الخليج، ولم يعد أحد يأخذ بالجدية الكاملة (مشروعات التحول من النفط إلى اقتصاد منتج)، فليس النقص فى ( الأفكار)إنما النقص فى ( الرغبة) فى التطبيق والاستعداد لدفع(ثمن ذلك التطبيق) أفكار البدائل فى دول الخليج تتصف بتماثل النصوص فى أهدافها، وتستخدم تقريباً المفردات نفسها،كمثل مساهمة القطاع الخاص أو الاعتماد على الابتكار، أو بناء مجتمع المعرفة، أو التحول( للحكومة الذكية)او بناء ( المدن الذكية)،إلا أنها مفردات ومشروعات تنتظر التنفيذ، لم تظهر بعد الجدية المطلوبة فى تحويلها إلى برامج عمل يصاحبها جدول زمنى محدد وخطوات تنفيذية ملموسة، وإعادة هيكلة للقطاع العام أو ترقية التعليم وتجويده، تلك قرارات سياسية لم تتخذ فى الغالب بعد!! فالمعضلة التى تواجه دول الخليج أن هناك تراجعا فى الدخل النفطى يلزم التفكير فى مخارج لتعويضه، وتلك المخارج فى معظمها تحتاج إلى قرارات سياسية ، ربما هى صعبة على متخذ القرار اليوم وربما موجعة، لسبب اجتماعى( تقليص دور دولة الرعاية) أو لسبب سياسى ( تقديم تنازلات فى المشاركة الجادة فى اتخذا القرار) وما يتطلبه من سيادة القانون على الجميع ، والمساواة فى الحقوق والواجبات! تلك معادلة يبدو ان حلها اليوم يحتاج إلى كثير من الشجاعة والتضحية. تحتاج هذه الخطط من جهة أخرى إلى وجود (قاعدة معلوماتية) حديثة ودقيقة ومتماثلة فى المفاهيم من اجل المقارنة، فالمعلومات العامة لنشاطات متعددة ،غير متوافرة ولاهى متسقة، كما يحتاج الأمر إلى التفكير بشكل جدى فى تطوير (منظومة مجلس التعاون) وترقيتها إلى (سوق مشتركة) تعضد الوضع الاقتصادى وتدعم الأوضاع الاستراتيجية المتغيرة.