قطر:أزمة الخليج والعلاقات الاقليمية

مقال نشر بجريدة البرلمان الالكترونية الصادرة بالولايات المتحدة الامريكية بتاريخ 21-2-2019
21/2/2019 -the parliement us
قامت الكويت بجهود دبلوماسية كثيفة من أجل الوصول الى مد جسر لاعادة التلاحم بين دول مجلس التعاون ،على ضوء ما يعرف اليوم ب( الأزمة القطرية)،الا ان كل تلك الجهود حتى الساعة لم تحقق أى نجاح، حيث قامت الكويت فى السابق بالتوسط فى الأزمة السابقة (2014) عندما أقدمت الدول الثلاثة، السعودية،البحرين والامارات على سحب سفرائها من الدوحة على خلفية التباعد فى السياسات فى عدد من الملفات التى اعتبرتها الدول الثلاثة تمس بالأمن الوطنى.
استفادت الكويت حينها من راس المال الاجتماعى غير الرسمى، والذى كثيرا ما استخدم فى العلاقات الخليجية اضافة الى التذكير بالعلاقات والوشائج العائلية بين الأسر الحاكمة فى الخليج، وذلك من أجل ترميم أى خلاف قد يقع.الا أن الأزمة التى اندلعت فى 5 مايو 2017 لم يستطع (راس المال الاجتماعى غير الرسمى) أن يسهم فى أى تقدم ملموس فى حلها،فهى أزمة لا تشمل الدول الثلاثة السابقة وحسب، بل تضاف اليها هذه المرة مصر،وهى دولة عربية كبيرة ومحورية. هناك عدد من الملفات التى تؤخذ على قطر من الدول الأربعة فى أزمة 2017، بعضها هامشى مثل ، الموقف الاعلامى من ما تبثه القناة التليفزيونية(الجزيرة) وغيرها من الملفات الثانوية، الا ان الملف الهم والأكثر حساسة هو احتضان قطر لحركة الأخوان المسلمين ،وهى حركة سياسية دينية واسعة تسعى الى الاستحواذ على السلطة فى عدد من الدول ، ويعتبرها كل من مصر والامارات والبحرين والمملكة العربية السعودية حركة(ارهابية) تقدم لها قطر الدعم المالى والمعنوى ،وتستضيف بعض زعمائها اضافة الى تمويل بعض نشاطاتها الاعلامية ،ذلك ما جعل من الأزمة تصل الى قمتها بين الدول الأربعة من جهة وقطر من جهة أخرى.
الدوحة تعتبر أن ما حدث ضدها فى 5 مايو 2017 فجائى وغير مبرر،كما تعتبره (حصارا غير مبرر)، أما دول الخليج فترى أن الدوحة نقضت عهدا داخل مجلس التعاون ،ينص على الا تقوم دولة فى المجلس بدعم أى نشاط يهدد الأمن الوطنى لدولة أخرى فى التجمع الخليجى.الأزمة القطرية ليست مرشحة اليوم للانفراج لا باستخدام راس المال السياسى غير الرسمى ،ولا حتى الرسمى(الدبلوماسى والدولى) لأن كل فريق يرى مطالبه هى المحقة ، فالدوحة تدافع عن موقفها فى مساندة حركة الأخوان الدولية وتراه حقا سياديا لا يجوز التدخل فيه.
على تلك الخلفية تستمر الأزمة،إلا أن لتلك الأزمة جذوراً تاريخية، ربما تبدأ بوصول الشيخ حمد بن خليفة ، والد الأمير الحالى،تميم إلى سدة الحكم فى قطر عام 1995، على خلفية (انقلاب القصر) ضد والده خليفة بن حمد،اعتبرت بعض دول مجلس التعاون الخليجى-إن لم نقل كلها- وصوله الى الحكم اخلالا بالأمر الواقع،لذلك حدث نوع من التعاون بين خليفة وبعض دول المجلس من أجل عودته الى الحكم، وهذا مافسر فى الدوحة على انه مؤامرة ،واشتد الخلاف الى درجة سحب السفير السعودى من الدوحة فى عام 2014.
من جديد استخدم رأس المال السياسى غير الرسمى ،وعادت العلاقات ثانية، أما العلاقة القطرية البحرينية فلها تاريخ حافل بالخلافات.بعض من فى الخليج وخاصة فى الكويت، يعتبر الأزمة خسارة لكل الأطراف، فاستمرارها له ثلاث سلبيات كبرى،الولى:هدر للموارد المالية من خلال صرفها على الدعاية المضادة لكل طرف بمختلف اشكالها، والثانية:فتح باب التدخل الاقليمى(مثل التدخل الايرانى والتركى) فقد استعانت قطر بتواجد عسكرى تركى،وتعاون اقتصادى ايرانى لا يخلو من مصالح سياسة ، واخر السلبيات:هو انشطار غير مسبوق فى النسيج الاجتماعى الخليجى ،حيث ان هناك ارتباطا اجتماعيا وعائليا بين أسر قاطنة فى كل دولة من دول الخليج.
الخلاف شتت تلك الأسر، ولكن الأهم هو تصاعد تيار الكراهية الذى اندلع بعضه بتحريض مدفوع وبعضه الأاخر بشكل طوعى على وسائل التواصل الاجتماعى .علينا ان نتذكر أن دول الخليج ترى فى كثير من الملفات غيرماتراه قطر،سواء فى الأزمة الليبية التى يتقابل فيها الطرفان الخليجيان ليؤيد كل طرف منهما طرفاَ فى الصراع،أو فى الأزمة السورية التى تتطور لتصبح ساحة صراع أيضا بين الطرف القطرى والطرف الخليجى المقابل. الأزمة ليست مرشحة للتراجع،وهى الان تنتقل من الساحة الخليجية للتقابل بالوكالة فى ساحات صراعية ودموية أخرى ،عربية ودولية.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.