الرجال لا أخت لهم في الكويت!

مجلة المجلة- 05 فبراير,2012

ظهرت النتائج الانتخابية في الكويت من دون ان تحصل امرأة واحدة على مقعد في البرلمان الجديد، بدلا من اربعة في المجلس رقم 13 الذي حل أخيرا، وتمت على اثره انتخابات جديدة في 2 فبراير 2012 .

سَمى المرحوم الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح ولي عهد الكويت الراحل، ابان الاحتلال العراقي للكويت في خطبة مشهورة له عندما اجتمع مؤتمر جدة التاريخي في اكتوبر 1990، المرأة الكويتية بـ(أخت الرجال) وبعد التحرير دأبت القيادة السياسية الكويتية على حث النساء على العمل في الشان العام، بخاصة السياسي.

كان ذلك على خلفيه عامة هي ان المراة الكويتية تعلمت وتدرجت في العمل العام، بجانب ان اول مظاهرة كبيرة خرجت ضد الاحتلال العراقي في الاسبوع الاول من اغسطس عام 1990 كانت مظاهرة نسائية، من دون ان تخشى جلاوزة صدام حسين العُتاة.

وعمد الشيخ المرحوم جابر الاحمد ان يصدر مرسوم قانون يسمح للمرأة الكويتية بالمشاركة السياسية في  16 مايو 1999، الا ان ذلك المرسوم لم يعمل به نتيجة تصويت مجلس الامة وقت ذاك على رفضه بحجة ان مرسوم القانون قد صدر في اثناء حل مجلس الامة!

واستمرت محاولات الليبراليين الكويتيين في الدفع باقتراح تلو اقتراح من اجل تمرير قانون تمكين المرأة الكويتية من المشاركة السياسية، الا ان تلك المحاولات البالغ عددها 14 محاولة باءت بالفشل في مجالس منتخبة غلب على اعضائها المحافظة الاجتماعية.

في أوائل عام 2005 قررت حكومة الكويت بقيادة الشيخ ناصر محمد الاحمد، وبدعم كبير من امير الكويت الحالي الشيخ صباح الاحمد ان تقدم مشروع قانون لمجلس الامة بتمكين المرأة الكويتية من ممارسة حقوقها السياسية (حق الترشيح والانتخاب لكل المجالس العامة – أمة وبلدي)، وبعد جهد سياسي كبير صوت مجلس الامة الكويتي في 16 مايو 2005  (الذي يصادف نفس يوم قرار الشيخ جابر الاحمد عام 1999) بأن يمرر قانون تمكين المرأة الكويتية في الترشيح والانتخاب للمجالس المنتخبة (بعد تكتيكات واغراءات) بغالبية ضئيلة كانت 35 نائبا (موافق) في مقابل 23 نائبا (معارض).

بعدها جرت انتخابات عامة في عام 2006 و 2007 (بسبب اضطراب الحياة النيابية في الكويت) ولم تفز اي من المرشحات اللاتي تقدمن.

فقط في انتخابات عام 2009 فازت اربع منهن، في اختراق تاريخي غير مسبوق، هؤلاء الاربع مع عشرين أخريات قدمن انفسهن الى الانتخاب في العام الحالي (فبراير 2012) ولم تصل احداهن الى قاعة المجلس، او المقعد الاخضر كما يسمى في ادبيات الكويت السياسية.

الانتخابات الحالية على الرغم من نجاح عدد معقول فيها من السياسيين الجدد ومن القدماء، الا انه شابها لاول مرة او شاب بعض منها على وجه الدقة نوع من التحيز المقيت ضد بعض الشرائح في المجتمع، فصوت البعض للضد السلبي، بدلا من المشروع الايجابي.

لقد ظهر خطاب فئوي (مقيت) يحمل خلفه شبح الكراهية للآخر، ليس المختلف السياسي، ولكن المختلف (الاجتماعي) و المختلف (الطائفي) ، مما يؤسس لدى البعض – الا اذا تدارك العقلاء ذلك – تجذرا في الشق الاجتماعي لا يحمد عقباه، والقضية الاكبر ان هذا التجذر او الشق البعض منه له علاقة بقضايا خارج الحدود الكويتية!

من هنا فإن القادم من العمل السياسي الكويتي سيكون في الغالب مشحونا بخلافات خارج المصالح المرسلة للشعب الكويتي الذي يتكون اكثر من 90 في المائة منه من بشر متحابين ومتآلفين، من هنا فان خسارة بعض الليبراليين و النساء في المجلس القادم هي اكبر من خسارة شخصية، هي خسارة في المبدأ، وقانا الله كل الشرور.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.