المخاطر المحيطة بدول مجلس التعاون: التأثير والحلول

المخاطر المحيطة بدول مجلس التعاون: التأثير والحلول [1]

مقدمة:

في فترة الخلاف الكبير بين الدول العربية الذي بدأ بعد الحرب العراقية الايرانية ومن ثم تعمق مع   الاتفاق  المصري الاسرائيلي في عهد المرحوم انور السادات، تعطلت مؤسسة القمة العربية ، الا ان الرأى بعد ذلك توافق بين العرب، خاصة بعد  عودة الجامعة الى مقرها في القاهرة ،على أن إجتماعات  القمة العربية كمؤسسة يجب ان تعقد في كل الاحوال والظروف  وبشكل دوري ، وتكون ايضا موزعة دوريا بين العواصم العربية ،وقد تم ذلك منذ عقدين من الزمن بشكل شبه منتظم ، لذا فان الباحث سوف يرى ان ( القمم) العربية بعضها منتظم وبعضها متقطع ، بعضها يُعقد في العواصم العربية كما اتفق ، اي بتسلل أبجدي، وبعضها يتغير من عاصمة لاخرى، وبعضها يعقد في مقر الامانة العامة في القاهرة، حسب الاجواء العامة بين العرب  ، وحسب الضروف والملابسات السياسية ، والقمة القادمة التي سوف تعقد  في مورتانيا ليست استثناءا في الاختلاف[2] ، فقد كانت مقررة في ابريل 2016 في المغرب، وأصبحت الان في مورتانيا في شهر يوليو 2016 !  وهي القمة رقم 27  التى تعقد في اجواء سريعة التغير كليا ومنذرة بمخاطر على الدول العربية جميعها وبدرجات مختلفة.  من هنا فان محاولة بناء  ( (التكامل) العربي على الاقل بين مكونات المجموعة العربية  القادرة على البقاء بعيدا حتى الان عن الاضطراب الكبير في المنطقة والتنسيق الايجابي بينها ،من اولويات اللقاء القادم، من اجل وقف التدهور والبناء على الممكن ، ومن جهة اخرى فان دول مجلس التعاون، التي تشترك في المسار والمصير مع بقية الدول العربية هي اليوم تشكل تقريبا ( قاطرة) الحركة المضادة لمحاولات التفتيت العربي والهيمنة الاقليمية، الا انها تحتاج الى ضهير عربي كانت تباشيره اشتراك دولة المغرب العربي في قمة خليجية في النصف الثاني من شهر ابريل في الرياض، من اجل بناء ( تحالف القادرين) في الفضاء العربي للتقليل من المخاطر وتعظيم المكاسب . الا ان  هناك مخاطر تحيط بدول مجلس التعاون تقلل من فاعلية الاستفادة او تعظيم ( قدرة تلك القاطرة الخليجية ) على القيام بما يتوجب عليها القيام به. وهذه المطالعة هي محاولة للاطلالة على ( المخاطر المحيطة بدول مجلس التعاون: بواعثها، ومصادرها وتأثيرها على تعطيل او تعويق ( ماكينة) تلك القاطرة على الفعل)[3]

يمكن الحديث عن المخاطر ومصادرها من ثلاث جوانب رئيسية:

                                        المخاطر الخارجية ( غير العربية) الولايات المتحدة – إيران .

                                         المخاطر الخارجية العربية ( حروب اهلية محتدمة في الجوار ).

                                         المخاطر الداخلية ( العقد الاجتماعي الداخلي).

تلك المخاطر متداخلة  وتاثير بعصها على بعض  ظاهر بين ، الا انه من اجل التحليل سوف اتناول كل من عناصرها على حدة، ليس فقط من اجل عرض ( مخاطرها) ولكن ايضا من اجل ( فهم دوافعها) ، على امل الوصول الى نتيجة  معقولة لفهم المخاطر واسبابها  وايضا رسم  مؤشرات  لفهمها و لمواجهتها .

اولا ( الخارجية) 1 – العلاقة بالولايات المتحدة: لقد لاحظ المتابعون  تكثيف اللقاءات الامريكية الخليجية في السنوات القليلة الماضية، سواء بشكلها الجماعي ( دول الخليج في مجلس التعاون ) او بشكلها الثناني( كل قائد خليجي على حدة) هذه الكثافة في اللقاءات تدل على ان العلاقات بين دول مجلس التعاون و بين الولايات المتحدة تمر بمرحة (تصدع ) غير مسبوقة ، ناتجة عن ( الفرق بين التوقعات الخليجية من امريكا في الملفات الساخنة، وبين قدرة امريكا على الفعل او رغبتها فيه ) هذا التصدع سوف يستمر حتى يستقر على بر، هو قناعة الخليجين أن عليهم ( قلع شوكهم بأيديهم) فالإدارة ( الاوبامية) ، ونتيجة للتراكمات التي مرت بها الادارات السابقة في منطقة الشرق الاوسط، وجلها سلبي ، وتبنت مقاربة مختلفة عن سابق الست عقود الماضية او يزيد، اي تبنت سياسة ( رفع اليد المباشرة) في الشؤون السياسية لدول المنطقة، و محاولة ادارة ما يحدث عن بعد، وتجد هذه السياسية في مجملها من المتابعين في الولايات المتحدة ( الاعلام والسياسيين) الكثير من التأييد، في المحصلة فان الادارة الحالية ترى انها حققت الكثير من النتائج ( الايجابية) من وجهة نظرها ،دون ( تورط اقدام على الارض boots on ground ) او ( خسارة دماء امريكية blood sacrifices ) من هذه النتائج الوصول ، عبر التفاوض ، لوقف البرنامج النووي الايراني ، تأكيدا ( لسلامة اسرائيل الاستراتيجية الى فترة طويلة ) كما لم تؤكد في السابق ،وصرف النظر على ملاحقتها مهما فعلت في الارض المحتلة، سحب السلاح الكيماوي من سوريا ، بيع الكثير من الاسلحة للمنطقة ، الحصول من جهة على نفط رخيص ،ومن جهة اخرى الاستغناء التدريجي عن النفط الخليجي، ذلك من بين عدد من النجاحات التي تراها النخبة الامريكية انها قد حُققت لصالحها نتيجة سياسة ( رفع اليد)، وهي من منظور المصالح الامريكية نجاح باقل الاثمان.  من جهة اخرى تبدُل نقطة ارتكاز  الخلاف الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون وبين الولايات المتحدة من ( خلاف حول وضع اسرائيل وسياساتها) الى ( خلاف حول التقدير الاستراتيجي مع ايران) وهو خلاف لا يبدوا ان الطرفين، الامريكي او العربي الخليجي على اقتراب من التحليل النظري او الواقعي حوله ، فدول الخليج ترى أن التدخل الايراني في الجوار العربي يربك المشهد السياسي، ويهدد الامن القومي  الى درجة ان ذلك التدخل يساهم جزيئا في ( دعشنة) المنطقة، لان هناك اناس يشعروا بالتهديد الحقيقي من ذلك التدخل الايراني ويلجون الى العنف المضاد في مقاومته، وان كان عنفا غير منظم. في هذا الملف، بسبب تباعد المواقف، لم تعد الولايات المتحدة من وجة النظر الخليجية، بالرغم من التطمينات، مكانا للثقة في ما يمكن ان تتخذ من خطوات في المستقبل ، خاصة في المراحل الممكن ان تتحول الى حرجة . لا زال هذا الملف ( علاقة بالولايات المتحدة بإيران ) يؤرق دول الخليج، فقد اعتمدت على ( حسن نوايا الولايات المتحدة في الموضوع الامني الخارجي) لفترة طويلة، وربما منذ انسحاب بريطانيا من الخليج في بداية سبعينات القرن الماضي ، حتى قدوم الادارة الامريكية  الحالية . الا ان المشكلة التي اراها ان هناك تغير هيكلي في الموقف الامريكي حتى الان لم يستوعب من بعض الاطراف الخليجية، وهو قائم على قاعدتين الاولى ان الولايات المتحدة اعادت تعريف قوتها بسبب عاملين مواردها المالية وحدود قدرتها على الفعل ، فهي ليست الولايات المتحدة في الربع الاخير من القرن العشرين، واعادة النظر في مفهوم حدود القوة ، ليس لها علاقة بإدارة واحدة ( (اوباما او من سوف يأتي بعده) بل تموضع استراتيجي، كانت بوادره تتجمع منذ فترة.  ذلك من جهة أما ثانيا  فتنظر دوائر نافذه في واشنطن ان التهديد على دول الخليج من ايران (مبالغ فيه) بل ان بعض  التهديد ( داخلي) لذلك فانها تدفع بمحاولة ( تغيير شروط العقد الاجتماعي الداخلي ) في دول الخليج، وقد ظهر ذلك جليا في عدد من تصريحات الادارة ( الاوبامية) ،كان اخرها عناوين الصحف التي ظهرت بعد لقاء السيد باراك اوباما بقادة مجلس التعاون في الرياض في 21 ابريل 2016[4]  ربما ان هذا الشعور القوي ( بأهمية الاصلاح الداخلي) سوف يبقى مع الادارات المختلفة المقبلة ، لسببين على الاقل ، الاول هو اخذ ( الموقف الاخلاقي العالي ) فيما تدفع به العولمة من  اختيارات مجتمعية و سياسية منها حقوق الانسان وتمكين المرأة وغيرها من الشعارات ،والثاني حدود القوة الامريكية المتضائلة، اي ان الامر ربما عكس ما يراه البعض ، ان  الموقف الامريكي الحالي هو (مؤقت)  تلتزم به  الادارة الحالية! ذلك تطمين للنفس واجب مراجعته!

2-  العلاقة بإيران : تشكل ايران تهديدا حقيقيا لدول الخليج ، فهي مسيطرة على القرار السياسي في العراق و متدخلة بنشاط يصل الى العسكري في سوريا، و تهيمن على القرار من خلال حزب الله في لبنان و تسيطر على تصرفات جزء مهم في الساحة اليمنية، وتاخذ المكان الاعلامي الاكثر علوا في الموضوع الفلسطيني، من خلال ( العداء اللفظي  لإسرائيل) وتقدم نفسها كمكان ( للديمقراطية) عن طريق الحديث عن التغير الدوري الظاهري في نخبها الحاكمة، كل ذلك يجعل من قدرتها على الاقناع حتى لدى بعض العرب كبيرة.[5] هناك عددا من السناريوهات الحاكمة للعلاقة مع ايران، يرى البعض طرحها كخيارات لدول الخليج ، اي  يمكن التفكير بها ، وهي سيناريوهات يتحدث بها بعض نخبة الخليج ، بصرف النظر عن حجمهم او تأثيرهم  ، استطيع ان اشير باختصار الى ثلاثة منها:  الاول يرى انه من الممكن استيعاب إيران ، بسبب اولا جيرتها ،وثانيا قدرتها العسكرية والصناعية و تقدمها العلمي! واخير بسبب تأثيرها المباشر على جزء من الشرائح الوطنية ( العرب الشيعة)[6] المواطنين في الخليج ،و أن العمل بجدية كافية على ذلك  المحور ،حتى لو غض الطرف عن بعض تدخلاتها !!  يمكن ان يقنع الدولة الايرانية ب( تشارك اعباء الامن الاقليمي) وحسن الجوار !! و السيناريو الثاني،  أن ايران هي ( فارسية\ زراداشتية\ مجوسية ) او انها  ( الجار العار)! وهي بطبيعتها معادية للعرب ،ويستدعى هذا السيناريو من التاريخ المواقع الصراعية العربية\ الفارسية، وينتهي الى أن الوفاق معها (مستحيل ) وليس غير ممكن فقط ، حيث لن تهدأ شهيتها الا بالسيطرة على مقدرات العرب، وخاصة جوارها الخليجي !

اما السيناريو الثالث الذي اعتبره واقعي ، فهو يرى ان إيران ليست بالقوة التي تصف نفسها او يصفها مؤيدوها ، بل هي من هذا العالم الثالث، الذي يعج  بالكثير من نقاط الضعف، وهي تحتوى على خلل كبير في الداخل ، وان سياساتها الحالية مرتبطة بعقدتين، يمكن تسميتهما بوباء الخوف،  الاولى ( التدخل الغربي في خمسينات القرن الماضي ضد حكم ايراني وطني (مصدق) من قوى غربية ( بريطانية\ امريكية)  اطاحت وقتها بالطموع القومي الايراني للتحرر و الانعتاق ،اما العقدة الثانية فهي  المعروفة، وغير المعلنة  تتمثل بحدود قدرة ( الحكم الديني) الذي تبنته ايران، على الوفاء باحتياجات العصر، وهو حكم هجين، يسيطر عليه رجال الدين، في خلطة غير ( تاريخية) لاي من اشكال الحكم الممكن استمراراها ! فايران اليوم تفتقد الى حكومة بالمعنى الطبيعي للحكومة ، لذلك  فالنخبة الايرانية  قلقة على استمرار هذا النوع من الحكم[7] الامر الذي يوصلنا الى الموقف الخليجي من ايران، فلن تتغير في الجوهر السياسية الايرانية في الاصرار بدرجات مختلفة  على  فكرة  ( تصدير الثورة) حتى يتلاشى هذا الجيل  الايراني الحاكم ،الذي شهد مظالم الشاه و قام بالثورة عام 1979 ، من اجل تخليص ( المستضعفين من الظلم)  اي ان امام الخليج جراء المخاطر الايرانية ربع قرن على الأقل من (  ادارة الصراع ) و على الخليجين ان يوطدوا انفسهم لادارة الصراع لا حله ، ذالك من خلال العديد من الخطوات منها التماسك الخليجي الصلب، و اقامة جدار عربي يحيط بذلك التماسك و اطار اسلامي، وهذا ما يبدو ان المملكة العربية السعودية تقوم به اليوم. الا ان الامر لا ينتهي هنا ، فهناك ( تصور ) ايراني لدى بعض النخب في طهران يتكون من ثلاث حلقات الاولى ان طهران مسؤولة ( اخلاقيا وسياسيا) عن الشيعة في كل مكان ،بما فيهم شيعة الخليج، والثاني ان طهران ترى في انظمة الخليج انها ( مستكبرة و غير عادلة مع شعوبها) والثالث ان معظم ما قامت به دول الخليج من اصلاحات  منذ عام 1979 هو نتيجة مباشرة للأمثولة الضغط الايراني!! قد يرى البعض ان تلك الحلقات الثلاث هي ( اضغاث احلام ايرانية) ولكن يجب الاعتراف انها ضمن التصور الايراني الذي يجب التعامل معه!!

الحروب الاهلية العربية : هذه الحروب المحتدمة سواء كانت بعيدة نسبيا او قريبا، فانها تشكل ( شيئ من المخاطر الثقيلة) على دول الخليج ، ليس سرا ان بعض دول الخليج كان ولا يزال لها مساهمات ( ما ) في الحرب الدائرة في ليبيا، شبه البعيدة عن الاقليم الخليجي، كما أن لها ( اهتمام بعدم سقوط مصر ) في ايدي متطرفة ، وفي العراق هناك صراع داخلي محتدم ليست بعيدة عنه بعض القوى الاقليمية على ارسها ايران ،مع اطلالة تركية ايضا ، اما في سوريا فان المخاطر في استمرار وجود النظام السوري وتحالفاته الاقليمية ( ايران)، و الدولية ( روسيا) يجعل  من دول الخليج في مرمى النيران السياسية، الاقتصادية وحتى العسكرية ،  اما التحدي الاكبر فهو في اليمن الذي يشترك مع دولتين خليجيتين في حدود طويلة هما عٌمان و المملكة العربية السعودية، وخاصة الاخيرة التي  يتشابك امنها الوطني  تشابكا لا فكاك منه مع امن المملكة العربية السعودية، والذي اجبر  تدخل الاخيرة مع حلفاؤها ،في الاساس الخليجيون وبعض العرب،  في صراع مسلح ،  من اجل التامين الوطني . ولا يبدو الان ان ثمة افق لوقف ذلك الصراع  او تقليل مخاطره، من النواحي المالية والعسكرية و الاستراتيجية. الحرائق حول  الاقليم الخليجي مشتعلة ،ومرشحه الى التوسع قبل ان تكون مرشحة الى الخمود، مما يجعل المخاطر حقيقية. فهناك احتمال حقيقي ان تتشطر كل تلك الدول ، العراق ، سوريا ،اليمن  الى دويلات طائفية وعرقية اصغر مما يعظم المخاطر على دول الخليج ويزيد من احتمال التدخلات الاقليمية، بل ويعرض المنطقة كلها الى فوضى .من جهة اخرى تستنزف تلك الصراعات موارد مالية ضخمة من دول الخليج، اما من اجل تمويل الحملات العسكرية او ابقاء بعض الدول الحليفة بعيدة جزئيا عن الافلاس او تمويل سبل الاغاثة للمنكوبين جراء تلك الصراعات، وهذا بحد ذاته استنزاف هائل للموراد.

العقد الاجتماعي الداخلي :  يتشكل الضغط على العقد الاجتماعي الداخلي من ناحيتين الاولى هو اهمية تجسير الفجوة بين عولمة المواطن و محلية الدولة ،والثاني هو ( انتهاء عصر الدولة الراعية  Welfare State ) فتزامن تراجع اسعار النفط[8] والتي كانت متوقعة منذ زمن ، مع تضخم الطلب على الميزانية العامة للدولة الخليجية النفطية، بسبب ما إتخذته من سياسيات  الرفاه في عقود النفط الذهبية الخمسة الماضية ،مع تزايد الازمات  العسكرية و الحروب الاهلية المحيطة، التي  تستنزف المال العام، و الموراد ، وضعت الدولة الخليجية اليوم في وضع ( التفكير الجدي) في تغيير السياسات. فاسعار النفط بسبب تطور التقنية [9] سوف تبقى في حدها الادنى، كما ان اعادة ترتيب البيت الاقتصادي الخليجي لا بد ان يتزامن مع النظر بجدية في ترتيب العقد الاجتماعي، حيث من المعروف ان تغير الكتلة السكانية وزيادة عولمة المواطن الخليجي، يتطلب بالضرورة تغير المؤسسات القائمة لتلائم التغيير المادي الحادث ، الذي يضع عبئا على المواطن ويتوجب مشاركته  من خلال استكمال مؤسسات التشريع والرقابة الشعبية  ،و حسب قاعدة اصبحت معروفة ان الرضاء السياسي يتناسب طرديا مع الوفرة المادية، والعكس صحيح ،وهناك مؤشرات لا بد من الانتباه لها تظهر  في تصاعد الطلب على تغيير قواعد العقد الاجتماعي التقليدي، لعل اكثر من تحدث عنها هو السيد باراك اوباما في حديثة الذي اصبح مشهورا لمجلة أتلنتيك The Atlantic و المعنون بعقيدة اوباما [10] الذي يركز فيه رايه الذي تردد في اكثر من وثيقة ،وهو (وجوب حدوث الاصلاحات الداخلية) التي لها علاقة بالتعليم و المواطنة و الفساد الادارية والمالي والمشاركة، والموقف من المرأة . من وجهة نظر ادارته تلك الاصلاحات تعزز الامن الداخلي، وتساعد على الوقوف امام التحديات الخارجية، ليس ذلك فقط بل هناك تنامي لدى النخب الخليجية في ضرورة الاصلاح، ويكتب يوميا في الصحف او على وسائل التواصل الاجتماعي حول تلك المطالب، و تعضد حتى من المسؤولين اصحب القرار ،كما ظهر اخيرا في حديث ولي ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في ضرورة اعادة التفكير في الكثير من السياسات على الصعيد الاقتصادي و السياسي والاجتماعي[11] .

كيف بمكن مواجه المخاطر الشاخصة و المحتملة؟

ليس هناك حلول ناحجة  لمواجهة كل تلك المخاطر اذا لم يتحقق شرطان، الاول هو الاعتراف بتلك المشكلات وتاثيرها السلبي على الامن الوطني والاقليمي الخليجي، و ثانيا وجود ارادة سياسية حازمة لمواجهتها ،فرياح التقنية العاتية تخفض الاسوار وتتجاوز الممنوعات[12]،  طبعا على المراقب القول ان المملكة العربية السعودية، كما هو مشاهد، قد غادرت في السنوات الاخيرة مواقف ( المراقب الحذر) الى ( الفاعل النشط) واتخذت القيادة الحالية في المملكة العربية السعودية خطوات مشهودة لمواجه المخاطر ،منها التصدي العسكري لبعضها كما حدث في اليمن، ومنها التعامل الاقتصادي كما في مصر وبنا تحالف واسع من تركيا الى المغرب الى ما خلفهما من الدول، كل ذلك يشئ بان الصورة واضحة للمخاطر لدى القيادة السياسية، بقى ان تنتظم هذه الصورة لدى قيادات منطقة الخليج بكل ضوئها وضلالها، و ان تتخذ اجراءات شجاعة في تعديل شروط العقد الاجتماعي للحفاظ على الامن والاستقرار و تحقيق التنمية من جهة ،ومن جهة اخرى تحقيق المقولة الذي طالبت بها نخب الخليج في السنوات الاخيرة وهي أن (  الكل اكبر من مجموع الاجزاء) اي التوجه الى وحدة خليجية جادة من اجل تجميع الموارد، وتعظيم الفرص، ودرأ الاخطار .

 

[1] محمد غانم الرميحي ، مدير مركز دراسات الخليج في جامعة الكويت و مدير برنامج الدارسات العليا في قسم الاجتماع و استاذ الاجتماع السياسي.

[2] من المقرر ان تعقد في شهر يوليو 2016 في العاصمة الموريتانية مع  التزامن بتسلم الامين العام الجديد السيد احمد ابوالغيط مهام منصبه

[3] تقريبا هذا العنوان الذي طلبت مني مجلة اراء حول الخليج ان اقوم باستعراضة. في اطار الملف ( التكامل العربي \ الخليجي: حدوده … وتاثيره)

[4] عنونت جريدة الجريدة الكويتيية في اليوم التالي للاجتماع الصفحة الاولى كالتالي ( اوباما : استقرار المنطقة مرهون  بمعاملة دول الخليج لمواطنيها بشكل عادل)

[5] في حديث للشيخ حمد بن جاسم ال ثاني ( رئيس وزراء قطر السابق)  لجريدة الفينشل تايمز البريطانية (  15 ابريل 2016) يبدى اعجابا بالمفاوض الايراني ابان المفاوضات الناوية، وقد فاته ان يعرف ان هناك مقابل للفاوض الايراني هو اصرار الولايات المتحدة على التفاوض ( اي ان الامور يجب ان تاخذ بتوازن)!

[6] يميل الكاتب الى الاشارة الى المواكنيين الشعية بتعبير ( العرب الشيعة)و ليس ( الشيعة العرب) لما للفرق بين المفهومين من اهمية واجب الانباه اليها .

[7] وربما هذا ما تراهن عليه الادارة الامريكية في ( سحب التهديد) من الاطاحة بالحكم من الخارج و اتاحة الفرصة للتغير من الداخل.

[8] ليس جديدا الحديث عن تراجع اسعار النفط، منتدى التنمية الخليجي نظم في عام 2007 لقاء تحت مسمى ( الخليج عام 2015) كان منسق ذلك اللقاء كاتب هذه السطور، ثم صدرت الدراسات في كتاب ( محمد الرميحي: الخليج عام 2025) من منشورات الساقي عام 2008 جاءت في المقدمة العبارة الاتية : في منفستو السيد اوباما الانتخابي وعد بالاستغناء عن النفط الخارجي خلال عشر سنوات)  مع اشارات اخرى من دنس روس : امظر المرجع ص ص 6-7-8

[9] اصبح من المؤكد وصول العالم الى السيارة الكهربائية بشكل واسع خلال عقد من الزمان ، كما تتطور تقنيات الحصول على الطاقة من النفط الصخري واستخدام واسع للطاقة البديلة مما يضغط على اسعار النفط هبوطا

[10] عدد ابريل 2016

[11] انظر حديث ولي ولي العهد السعودي في  بلومبيرج  21 ابريل 2016

[12] تتعدد المخاطر لتصل الى ندرة المياه وتلوث البيئة واستكمال المؤسسات ،وبعض تلك المخاطر لا يمكن علاجها الا بشكل جماعي في دول الخليج.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.